صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/135

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٣٤ -

دخل المعتصم أرض الروم من جهة طرسوس من ناحية ساحل البحر وأمر قواده بالمسير في مختلف الاتجاهات، وكان على أشناس معرفة أخبـار الباسيليوس، وكان هذا الأخير يتجه نحو الأفشين الذي توغل في آسيا الصغرى حتى وصل قرب أنقرة، وعزم الإمبراطور، فجلى أهل أنقرة عن المدينة، وعلم المعتصم الذي كان يتتبع خطى الأفشين بهذه الموقعة مـن أهل المدينة عندما أوقع بهم جند أشناس واستولوا على ما كان معهم من الماء والعلف الذي كان الجيش في حاجة إليها. وتوجه الباسيليوس بعد الموقعـة إلى عمورية. وقدم الأفشين على المعتصم بأنقرة حيث نظم الخليفة جيوشه في حملة موحدة فاحتل هو قلب الجيوش ووضع أشناس في الميسرة والأفشين فـي الميمنة، كما أمر كلا من الجيوش الثلاثة باتخاذ نفس التشكيل (ميسرة وميمنة وقلب).

وتقدمت الجيوش بعد الاستعداد تحرق القرى وتخرب البلاد حتـى بلغت عمورية (بين أنقرة وعمورية ٧ مراحل) فأحاطوا بها، وقسموا جبهـة القتال إلى مناطق بينهم. وبفضل أحد أسرى المسلمين بالحصن عرفت منطقـة الضعف في السور وضربت بالمنجنيق حتى هدمت وتصدع السور. وبعـد أن ردم خندق الحصن وجهت إليه الدبابات، التي كانت الواحدة منها تتسع لعشرة رجال، ولكنها لم تفلح في اختراقه. فاقتصر القتال على المنطقة المتهدمة من السور (الثلمة) ووزع القتال على الجيوش الثلاثة بالتبادل. وأخيرا انتهز المسلمون طلب القائد البيزنطي المفاوضة من أجل الأمان ودخلوا من الثلمة بعد ٥٥ يوما (وأحرقوا إحدى الكنائس) وغصبوا وسبـوا الكثير. وبلغ من كثرة السبي والأسرى الذين عزل منهم أهل الشرف - ومن المغانم التي عرضت للبيع في أماكن متعددة أن الشيء كان لا ينادى عليـه أكثر من ٣ مرات (طلباً للسرعة). وأخيرا هدم الحسن وأحرق بأمر الخليفة.

وكانت غزوة الروم هذه محل تجربة خطيرة بين القواد الترك والقــــــــواد من العرب، هذا النزاع ذو اللون الجديد كان ينذر بانقضاء النفوذ الفارسي