صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/115

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١١٤ -


نتائج بيعة الرضـا:


ولكن هذا العمل السياسي الغريب أتي بعكس ما كان يتوقع له في العراق، فبدلا من أن يؤدي الى الهدوء، أثار الغضب، إذ احتج جميع العباسيين على اعتزال أو تنحي رئيسهم (قالوا لا تخرج الخلافة من ولـد العباس)1. وفي بغداد رفضوا أداء البيعة للأمير العلوي وفكروا في خلـع المأمون نفسه (كان أشدهم فيه منصور وإبراهيم أبناء المهدي) وفعلاً تنازعوا هذا الأمر أثناء خطبة الجمعة (٢٧ ذي الحجة) وتفرق الناس دون صلاة، بعد أن نودي بعم المأمون، وهو المغني والموسيقي الهاوي إبراهيم بن المهدي، خليفة ولقبوه "بالمبارك".

وتمكن ابراهيم من الاستيلاء على الكوفة مركز العلويين، اذ أن هؤلاء في جانبهم لم يرضوا عن البيعة لعلي بن موسى الرضا بعد المأمون الا أن تكون البيعة للرضا فقط. واستولى كذلك على السواد جميعه، ثم أخذ قصـر ابن هبيرة بفضل اختلاف بعض قواد الحسن بن سهل (۱۰ ربیع) وسيـر إبراهیم جنوده الى واسط حيث كان عسكر الحسن متحصنين، ولكنهم انهزموا وفي بغداد نفسها قبض إبراهيم على سهل بن سلامة الذي كان يدعو علـى رأس رجاله إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (كان قائده عيسى بـن محمد بن أبي خالد يسميهم الفساق) فعاقبه وحبسه. وعندئذ عرف المامون أن بغداد لا تستطيع أن تعيش بدون خليفة، كما رأى عدم جدوى ولاية العـلـوي للعهد فقرر أن يعمل شخصياً. والظاهر أن وزيره أمده بمعلومات خاطئة عن الموقف بالعراق وأن صهره الطالبي هو الذي أوضع له الأمر (ابنا سهل أخفيا عنه بيعة ابراهيم).


  1. اتخذ الأمر شكل ما يعرف حالياً بالمناورة البرلمانية، قالوا نريد أن ندعو للمأمون، ومن بعده لإبراهيم. ووضعوا من يجيبه بأننا لا نرضى إلا أن تبايعوا لإبراهيم… وتخلعوا المأمون.