صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/101

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٠٠ -

وفي هذه الأثناء حدثت مفاجأة سيئة بالنسبة لطاهر، وذلك أن أهل الري أغلقوا باب المدينة دون عسكره، ولكن يظهر أنه كان يتوقع مثل هذا منهم، ولذلك فضل الخروج والقتال بعيداً عن المدينة، فأمر أصحابه بالاشتغال بمن أمامهم فقط. وبدأ القتال في صالح علي بن عيسى فهزمت ميمنته ميسرة طاهر عزيمة منكرة، وعرجت ميسرته على ميمنة طاهر فزحزحتها عن مواضعها. ولكن طاهر أظهر كفاءة عسكرية عظيمة فلم يفت سوء الموقف فـي عضده، فأمر أصحابه بالقيام بهجوم خاطف (حملة خارجية) على قلب علـي ابن عيسى. وبفضل ذلك الهجوم القوي تحول الموقف لصالح طاهر فانسحب جناحا ابن ماهان، وكثر القتل في أصحابه وسقط هو قتيلاً بضربة سيف فـي الميدان. ولم ينقذ المنهزمين إلا حلول الليل بعد أن التجأ كثيرون منهم إلى معسكر طاهر، بعد أن أمنهم.

الزحف على بغـداد:


كانت هذه الوقعة فاتحة سلسلة من الانتصارات قادت طاهر من الري الى بغداد، تعيد الى الذهن الحملة المظفرة التي قام بها قحطبة بن صالح من خراسان الى العراق. وتمكن طاهر بعد ذلك من هزيمة قائد الأمين عبد الرحمن بن جبلة الذي ولي همذان، والذي كان يأمل أن يلي كـل ما يفتحه من أرض خراسان. هزمه طاهر مرتين، وحاصر مدينة همدان حتى ضجر أهل المدينة، فطلب عبد الرحمن الأمان وخرج عن المدينة، ولكنه كان يضمر الغدر بطاهر إذ شن عليه هجوماً شديداً يائساً انتهى بقتله وهزيمة أصحابه. كان هذا الرجل متعصباً للأمين ضد المأمون في أول الأمر فقال لا يرى أمير المؤمنين وجهه أبدا، وبعد الاستيلاء على همدان عمل طاهر على تأمين ظهيرة قواته عن طريق احتلال قزوين، ولم ينتظر قائد الأمين وجيشه الكثيـف وصول طاهر إذ أنه رأى الجلاء عن البلاد، فوضع طاهر حامية لمنع مرور أيــة قوات من هناك.