صفحة:مجلة المنار - المجلد 01.djvu/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١٠
(المنار ١ -١)
فاتحة السنة الأولى المنار

مكان سحيق، فقرب ابعاد الارض وجمع بين أقطارها، بل عرج بهمته للقبة الفلكية فعرف الكواكب ومدارها ، ومادتها ومقدارها

حسبك حسبك هب من سباتك ، واستيقظ من هجوعك ، فقد ولت حنادس الجهالة، واشرقت شمس المعرفة ، انظر وتأمل ماذا يفعل اخوك المستيقظ يدك الحصون والصياحي، ويقوض المعاقل والهياكل وهو متكره على أريكته ينظر اليها بالآلة المقربة للبعيد : ويقيم الحصون والأسوار، ويشيد البوارج والابراج، ولا يتعب له عضل، ولا يندى له جبين، ولا يحتاج في امثال هذه الاعمال العظيمة الا الى اشارة لطيفة، وحركة خفيفة، فالطبيعة تخضع لاشارته، وتسير طوع يمينه ، فيتم له كل ما يريد . لا يهولنك ما تسمع، ولا يروعنك ما ترى. واعلم ان هذا العصر عصر العلم والعمل، فمن علم وعمل ساد ، ومن جهل وكسل باد، « وما أريكم الا ما أرى وما أهديكم الأسبيل الرشاد، »

كانت العلوم الطبيعية على عهد اسلافك افكار امتضاربة، وآراء متناقضة، وأقوالاً متعارضة ، لم تأت عن امتحان و عمل، ولم يكد يبنى عليها عمل، ولذلك کثر داموها، وقل مادحوها ، واما في هذا العصر فليس العلم الا ما اثبته العمل، أو بني عليه عمل، فيمالم يحتف به العمل من قطريه، لا يسول عليه، فالاعمال تنمي العلوم والعلوم تمد الاعمال، وشاهد ذلك عندك الحديث الشريف «من عمل بما علم ورثه الله علم مالم يعلم » قاعدة وضعت في الشرق، واهتدى للانتفاع يصومها أهل الغرب، والذين صدرت بلغتهم لاهون غافلون . فلا تضيع أوقاتك بالتخيل والتفكر ، ولا تجعل حظك من حياتك الاماني والتشهي، ولا تدع للزوهام في ذهنك مجالاً واسماً ومكاناً فسيحاً ( ليس بأمانيكم