صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/98

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ٩٤ مصور وجوابي أن الشعر لا يحدده الموضوع الذي يقال فيه . ولكن تحدده درجة الشعور بهذا الموضوع ، وطريقة التعبير عن هذا الشعور فأيما إحساس استجاش النفس ، ورفع نبضها عن النبض العادي اليومي ، وجعلها تحس بالوهج أو الانطلاق أو الرفرفة ، أو السبح في عوالم مجهولة . وخلصها – ولو لحظة – من الوعى الكامل والصحو المتيقظ . فهو إحساس شعري . فإذا توافر للتعبير عن هذا الإحساس أداء للحالة النفسية التي صاحبته في الحس ، وللظلال الشعورية التي واكبته في النفس ، ، واشترك الإيقاع في هذا التصوير ، متسقاً مع الجو الذي عاش فيه هذا الشعور فذلك هو الشعر . إن شعوراً نفسياً غامضاً غير محدود يعترى الشاعر قبل أن يقول . وهذا الشعور المبهم يلح على الشاعر ليعبر . فإذا كان من القوة بحيث يغطى على الوعى فترة ، وبحيث يختار معظم الألفاظ والعبارات في شبه نشوة ، كما يختار الإيقاع المناسب كأنما من غير قصد ، وبحيث ينسى القارىء ألفاظه وعباراته ومعانيه بعد قراءتها وينطلق من جزئياتها هذه ، ليشعر في نفسه بحالة مبهمة شبيهة بتلك الحالة الغامضة التي كانت في نفس الشاعر قبل أن يبلور شعوره ويحدده بالألفاظ إذا كان ذلك . فذلك هو الشعر ! ا ولا يكفى صدق الحالة النفسية ، ما لم يرتفع نبضها عن نبض الحالات الفكرية والذهنية ، وما لم يرتفع الإيقاع في أدائها فيناسب جوتها . وما لم تكن صورها وظلالها بحيث تطلق الخيال للتصور لا الذهن للتفكر ويبقى المجال بعد ذلك فسيحاً للتفاوت والتفاضل حسب المواهب والطبائع والآن آخر ديوان له صدر : ... بعد هذه المقدمة العامة في شعر العقاد نتحدث « أعاصير مغرب »