صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/92

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

العقاد الشـــاعر وأعاصير مغرب جار ارتباط بالحق في وضح النهار يعيش العقاد ، صـاحي الحس ، واعى الذهن ؛ حي الطبع لا يهوم إلا نادرا ، ولا يتوه فيها وراء الوعى أبدا . ومعالم الإحساس والتصور عند العقاد واضحة ، وهى على رحابتها وانفساحها وعلى عمقها ودقتها ، يحدها إطار من الوعى المتيقظ ؛ فلا تهيم في وديان مسحورة ، ولا تنطلق في متاهات مجهولة . - على أن للمجهول حسابه في نفس العقاد . ولكن هذا المجهول نفسه فكرة يحيط بها الوعى ، ويدعو إلى فرضها العقل . وليس الإيمان بهذا المجهول توهانا روحيا ولا صوفية غامضة ، إنما هو رحابة نفسية وفكرية . هذه الينابيع يتفجر شعر العقاد . فيكثر فيه تصوير الحالات النفسية وتسجيل الخواطر الفكرية ، وإثبات التأملات المنطقية – إذا التعبير – بقدر ما تقل فيه السبحات الهائمة ، والانطلاقات التائهة ، والظلال الشائعة . فكل شيء واضح ، وكل شيء له حدود . ومن هذا ويعوض شهر العقاد الجيد عن الرفرفة الطليقة تلك الحيوية المتدفقة . وعن الإيقاع المتموج تلك الحبكة الرصينة ، وعن الانطلاق الهائم ذلك العمق الدقيق . وعن سبحات الصوفية التائهة صدق الحالات النفسية الواضحة . العقاد قمته حين تبلغ الحيوية تدفقها ، فتجرف المنطق الواعى ، وتغطى ... فأما حين يضعف هذا التدفق ، فيتجرد الشعر من اللحم والدم ، ويخيل عليه