صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/261

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٣٥٧ - « وعلى كل إذا قل نصيبه من معرفة نفوس البشر على حقائقها ، ومن قرنه السياسة بهذه المعرفة ، فلم يقل نصيبه من غير هذه الفضائل » وهكذا يحكم على على" - كرم الله وجهه – بأنه كان يجهل النفس البشرية لمجرد أنه لم يستخدم الوسائل السياسية التي استخدمها خصماه : « معاوية وعمرو بن العاص » وأبسط نظرة تكشف أن هناك فارقا كبيرا بين معرفة السلاح ، واستخدام هذا السلاح . فلم يكن الفرق بين على وبين خصميه أنه يجهل النفس البشرية وأنهما يعرفانها. إنما كان الفرق في حقيقته هو الرضى باستخدام كل سلاح ، برضاء الخلق العالى أو يأباه . فعلى" لم تكن تنقصه الخبرة بوسائل الغلبة ، ولابنوازع النفوس البشرية وأهوائها . ولكنه لم يكن يتدنى لاستخدام الأسلحة القذرة جميعا . وفي رده على من أشاروا عليه بتوزيع المال لرشوة الضمائر ما يكفى : « أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الإسلام . فوالله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجم » ! فحين قالها لم يكن جاهلا « أن الناس عامة همهم حطام هذه الدنيا » . ولكنه كان مترفعا عن استخدام سلاح تستقذره نفسه الكريمة ويستخدمه خصمه بلا تخرج ! - . وكذلك رده على «ابن عباس» حينها استصوب إشارة «المغيرة بن شعبة» على على بأن يولى الزبير البصرة ويولى طلحة الكوفة ، يدل على هذا ، فلقد قال : « ولو كنت مستعملا أحدا لضره ونفعه لاستعملت معاوية على الشام » فهو إذن لم يكن يجهل ما يضر وما ينفع ، ولكنه كان يأبى ويترفع ! وقد عاد الأستاذ جبرى ليقول : « أجل ، إنا نظلم عليا إذا جردناه من معرفة الناس وبواطنهم » بعد ما رأى أن هناك حوادث وأقوالا تقطع بفطنته إلى نوازع الناس وبواطنهم . واسكنه عقب على هذا بقوله : « إلا أنه كان قليل الحظ من ( م – ۱۷ )