صفحة:كتب وشخصيات (1946) - سيد قطب.pdf/235

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۳۱ - ی لا شك أن للقضية التي يبسطها المؤلف قيمتها ، وأن للدعوة التي يدعو إليها وجاهتها ، والحق أنه بسط قضيته في قوة ودقة ووضوح ، لم تعطل منها أناقة التعبير البادية في كل موضع من الكتاب . والحق كذلك أن هذه الدعوة جديرة بأن تستمع إليها الإنسانية المعذبة الغارقة في الوحل والدماء ، فلا تغرق نفسها في ضجة الآلات كما هي الآن صانعة ، بل تحاول أن تفتح في شعورها ينابيع روحيـة أخرى وتلك زبدة الدعوة التي يدعو المؤلف إليها - على طريقته الخاصة فمن وراء المادة القدرة على الإبداع فيها ، ومن وراء هذه القدرة التسبيح للخالق الأعظم الذي أودعها ذلك المخلوق الفاني الخالد : الفاني ا بحسده وأجله الفردي المحدود ، الخالد بخلاصة أفكاره وإبداعه في الوجود ، ومن وراء هذا التسبيح للاله الواحد ، الشعور بقداسة مخلوقه المفضل - الإنسان - واحترام هذا الإنسان في كل فرد من أفراده ، والعمل على أن يبلغ الآفاق التي قدرها له بارئه وأن لا يتردى في الرذائل والشهوات والأحقاد والجهالات التي تفض من قدره ، وتعوقه عن الوصول إلى الآفاق التي أرادها له رب الوجود . هي سلسلة متصلة الحلقات ، من أمسك بطرفها - على هدى وبصيرة - أسلمته كل حلقة منها إلى تاليتها ، حتى تسلمه الحلقة الأخيرة إلى الفردوس الموعود في عوالم المثل الأعلى ... هنا قيمة هذه الدعوة ، وإنها لقيمة كبرى ومن .

ولكن هنالك أشياء تختلف فيها وجهات النظر ، فلنستعرضها : التكرار ظاهرة ملحوظة في كتاب الأستاذ خلاف ، تكرار الأفكار وتكرار التعبيرات ، ولعل منشأ هذا أن الكتاب كما قلت مجموعة مقالات هو كتبت في أوقات متفرقة ، وأنه ليس هنالك « تصميم » معين للكتاب . ثم