صفحة:على السفود (1930) - العقاد.pdf/13

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
7
 

الصحف السيارة. فسمي النقد تقريظًا، وسُمي الاستجداء تقديرًا للأشخاص، وسُمي التمسُّح تقييمًا لذوي الفضل … وهكذا حتى اجتمع للصحافة قاموسها المعروف بين الذين يعرفون كيف يستغلون الصحافة.

فلما أصدرنا «العصور» عوَّلنا على أن نسمي النقد نقدًا، والتقدير تقديرًا، والتقييم تقييمًا، بكل ما تسع هذه الكلمات من المعاني المحدودة لا المعاني المؤولة تأويلًا صحفيًّا على الوجه الذي درج بين الصحافة ورجال الصحافة. بيد أننا بجانب هذا صممنا على أن نعطي الكُتَّاب أوسع فرصة للتعبير عن آرائهم والإفصاح عن ما تكنه صدورهم في حرية كاملة، ولو كان النقد موجهًا إلينا بالذات. فمن أراد منهم أن تكون «العصور» ميدانه في نقد أو دفاع، فإننا نرحب به ونعطيه أوسع فرصة ممكنة للتعبير عما يراه من رأي في أي موضوع من الموضوعات.

لهذا أردنا بنشر «السفود» أن نُرضي من أنفسنا نزعتها إلى تحرير النقد من عبادة الأشخاص، ذلك الداء المستعصي الذي كان سببًا في تأخر الشرق عن لحاق الأمم الأخرى في الحضارة.

وإن نحن قدمنا اليوم للسفود بهذه المقدمة الوجيزة، وقد هم أحد أدباء الناشرين بنشره، فإنما نقدم بها تعريفًا لما قصدنا من إذاعة هذه المقالات الانتقادية التي أعتقد بأنه لم يُنسج على منوالها في الأدب الحديث حتى الآن.

وعسى أن يكون «السفود» مدرسة تهذيب لمن أخذتهم كبرياء الوهم، ومثالًا يحتذيه الذين يريدون أن يحرروا بالنقد عقولهم من عبادة الأشخاص، ووثنية الصحافة في عهدها البائد.

إسماعيل مظهر