صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ثم ناضل ونضح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب عنه جميع ما قيل فيه، ولم يكلفه الإجابة عن نفسه كما كلف غيره من الأنبياء عليهم السلام. ألا ترى أن نوحا عليه السلام لما قيل له: " إنا لنراك في ضلال مبين " قال: " يا قوم ليس بي ضلالة " وكذلك هود عليه السلام لما قيل له: " إنا لنراك في سفاهة " قال: " يا قوم ليس بي سفاهة " وقال فرعون لموسى عليه السلام " إني لأظنك يا موسى مسحورا " فكلف موسى الإجابة عن نفسه فقال: " لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا " أي هالكا.

وفي هذا مزية للرسول صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء عليهم السلام. ألا ترى كيف أجاب جل ذكره عن جميع ما قيل فيه نحو قوله تعالى: " وما علمناه الشعر وما ينبغي له " " وما هو بقول شاعر "، " ولا بقول كاهن " " ما أنت بنعمة ربك بمجنون " وقوله تعالى: " ما ضل صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى " حين قالوا: إنه يقول ما يقول من تلقاء نفسه " وما صاحبكم بمجنون " وقوله تعالى: " أو لم تتفكروا ما بصاحبهم من جنة " وقوله: " إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة " وقوله تعالى: " فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون " وإلى الجنون أشار قوم هود في قولهم " أن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ".

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد قال حدثنا أحمد بن محمد بن عمير ومحمد بن عمران بن عتبة، بدمشق، قالا: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان رجل من أزدشنوءة يسمى ضمادا وكان راقيا فقدم مكة فسمع أهلها