صفحة:عقلاء المجانين (1924) - النيسابوري.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وأنشدنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله السرخسي، قال: أنشدنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن المدغولي، قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن حاتم المظفري:

يحب الفتى طول البقاء وإنه
على ثقة أن البقاء فناء
زيادته في الجسم نقص حياته
وليس على نقص الحياة نماء
إذا ما طوى يوما طوى اليوم بعده
ويطويه إن جن المساء مساء
جديدان لا يبقى الجميع عليهما
ولا لهما بعد الجميع بقاء

وكما شاب صفات أهل الدنيا بأضدادها، كذلك شاب عقلهم بالجنون فلا يخلو العاقل فيها من ضرب من الجنون. ولذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى من أبلى شبابه في المعصية فسماه مجنونا، حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد بن عبد الله العنبري، قال: حدثنا أبو إسحاق حبان البلخي قال: حدثنا محمد بن مدويه الكرابيسي الترمذي، قال: حدثنا خالد بن خداش عن صالح المرسي عن جعفر بن زيد العبدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه إذ مر به رجل فقال بعض القوم: هذا مجنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا مصاب إنما المجنون على معصية الله تعالى.

والمجنون عند الناس من يسمع ويسب ويرمي ويخرق الثوب، أو من يخالفهم في عاداتهم فيجيء بما ينكرون، ولذلك سمت الأمم الرسل مجانين لأنهم شقوا عصاهم فنابذوهم وأتوا بخلاف ما هم فيه، قال الله جل ذكره ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ، فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ وقال تعالى: ﴿وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ يعني فرعون ﴿وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ.