صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الضجة يعمون عما حولهم وينسون أن المعاملات الدولية في زمانهم لم تفصل في أمثال هذه الحوادث بحكم أنفع ولا أعدل من الحكمالذي ارتضاه النبي و نزل به القرآن، وهو حكم مساواة يدين به المسلمون كما يدانون، ويحار المعتسف 1 لو شاء أن يستبدل به ما هو خير منه وأدنى الى النفاذ والاتباع.


وكان هذا القائد الملهم الخبير بتجنيد بعوث الحرب وبعوث الاستطلاع خبيرا كذلك بتجنيد كل قوة في يديه متى وجب القتال ان قوة رأي، وان قوة لسان، وان قوة نفوذ، فما نعرف أن أحدا وجه قوة الدعوة توجيها أسد2 ولا أنفع في بلوغ الغاية من توجيهه عليه السلام.

غرضـان

والدعوة في الحرب لها ـ كما لا يخفى ـ غرضان أصيلان بين أغراضها العديدة.. أحدهما: اقناع خصمك والناس بحقك، وهذا قد تكفل به القرآن والحديث ودعاة الاسلام جميعا، فالدين كله دعوة من هذا القبيل.

وثانيهما: اضعافه عن قتالك باضعاف عزمه وايقاع الشتات3 بين صفوفه.. وربما بلغ النبي برجل واحد في هذا الغرض ما لم تبلغه الدول بالفرق المنظمة، وبالمكاتب والدواوين و بدر الأموال.

قال ابن اسحق ما ننقله ببعض تصرف : « ان نعيم بن مسعود الغطفاني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، اني قد أسلمت، وان قومي لم يعلموا باسلامي.. فمرني بما شئت.. فقال رسول الله : انما أنت فينا رجل واحد فخذل4 عنا ان استطعت فان الحرب خدعة.. أي أدخـل بين القوم حتى يخذل بعضهم بعضا فلا يقوموا لنا ولا يستمروا على حربنا.

« فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة ـ وكان لهم نديما في الجاهلية - فقال : يا بني قريظة، قد عرفتم ودي اياكم وخاصة ما بيني و بينكم.. قالوا : صدقت. لست عندنا بمتهم.


  1. القائل بغير هدى فعدل عن الحق
  2. امر سديد واسد، اي قاصد
  3. الفرقة
  4. اي اغرب تعاونهم وتقاصرهم.
٤٧