صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

والأخرى من أصحاب التقوى والسماحة والتوسط بين مقام القوي الذي يجور ويطغى ويستبقي أداة الجور والطغيان، ومقام الضعيف الذي يحتمل الأذى، ويصبر على الكريهة، ولا يملك مع السيد الآمر إلا أن يذعن1 له، ويأكل من فضلات يديه.

بيت

وبيت من تلك الشعبة الوسطى له كرم النسب العريق وليس له لؤم الثروة الجامحة2 والكبرياء الجائحة 3، والقسوة على من دونه من المحرومين .. ذلك هو بيت عبد المطلب من صميم قريش ومن ذؤابتها4 العليا، وإن لم يكن معدودا من أثرياء القبيلة القرشية في ذلك الأوان ...

ورأس هذا البيت — عبد المطلب — رجل قوي الخلق قوي الايمان فيما آمن به، حكيم مع قوة طبعه وشدة إيمانه، خليق5 أن يُنجب العقب6 الذي يبشر بدعوة وينضح 7عن دين.

نذر لئن عاش له عشرة بنين لينحرن أحدهم عند الكعبة .. ثم أحله قومه وأحلته العرافة من نذره، فأبى أن يتحلل حتى يستوثق من رضى الرب ورضى ضميره . سألتهم العرَّافة: «كم الدية فيكم؟».

قالوا: «عشر من الإبل».

قالت: «فتقربوا اذن بعشر من الابل واضربوا على الفتى وعليها بالقداح .. فان خرجت على صاحبكم فزيدوا من الابل حتى يرضى ربكم» فما زالوا يزيدون حتى بلغت الابل مائة وخرجت القداح8 عليها فهتفت قريش بعبد المطلب: «لقد رضي ربك .. فأطلق فتاك». وكان خليقا بمن يريد أن يتحلل ويتعلل أن يقبل ولا حرج عليه، ولكن عبد المطلب لم يكن من


  1. اي يخضع
  2. اي الغالبة القاهرة
  3. الشديدة
  4. الذؤابة : الناصية أو منبتها من الرأس ، والمراد الرحمة والشرف
  5. جدير
  6. ولده وولد ولده
  7. المراد :يدافع
  8. السهام
١٥