صفحة:عبقرية محمد (1941).pdf/142

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.


الرجل


المختار عاش في العصور الماضية كثير من العظماء الذين تواترت (۱) الأنباء بأوصافهم السماعية ، و أوصافهم المرسومة في المور والتماثيل ، غير أننا لا نعرف أحدا من هؤل العظماء تمت صورته السماعية أو المنقولة كما تمت صورة محمد عليه السلام من رواية أصحابه ومعاصریه ، فنحن نعرفه بالوصف خيرا من معرفتنا لبعض المخلدين بصورهم وتماثيلهم التي نقلت عنهم نقل الحكاية و المطابقة ، لأن هذه الصور والتماثيل قد تحكي للناظرين ملامح أصحابها ومعارفهم الظاهرة ، وقد تعكي للمتفرسين شيئا من طبائعهم التي تنم (۲) عليها سيماهم ، الا أنها لا تحفظهم لنا كما حفظت الروايات المتواترة أوصاف النبي في كل حالة من حالاته ، وكل لمحة من لمحاته : في سياه وفي هندامه ، وفي شرابه و طعامه ، وصلاته وصيامه ، وحله ومقامه و سکوته وكلامه ، لأن الذين وصفوه وأحبوه وأحبوا أن يقتدوا به فتحرجوا في وصفه كما يتحرج المرء في الاقتداء بصفات النجاة والأخذ بأسباب السلامة ، فكانت أمانة الوصف هنا مزيجا (۳) من العطف والتدين ، وضربا من اتباع السنن وقضاء الفروض، لم يختلف الوصف مرة الا كما تختلف نظرة الناظر إلى وجه واحده بين ساعة وأخرى . فيقول غير ما قال أنفسا (۶) ثم لا يبدو التناقض ولا قصد التحريف بين القولين وخلاصة المحفوظ من الروايات المتواترة : أن النبي ، عليه السلام كان مثلا نادرا لجمال الرجولة العربية ، كان كشانه في شمائله مستوفيا للصفة من جميع نواحيها ، فرب رجل وسيم غير محبوب ، ورب رجل وسيم محبوب غير مهيب ، وربا رجل وسيم يحبه الناس و بها يو نه وهو لا يحب الناس، ولا يعلف 6 9 ا- أي تتابعت ۴- المراد : تكشف وتدل ۴- خليطا - اي معابقا •