صفحة:عبقرية الامام علي (دار الكتاب العربي 1967).pdf/24

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

واستطالة قدره واتمار نظره وتنفيش ريشه أو شعره، ويقف الإنسان مثل هذا الموقف فيطيل قامته، ويبرز صدره ويدق بيده عليه ويقول بلسان حاله ما يقال باللسان، فإذا هو الفخر والحماسة وإذا هو عنوان الثقة والإقدام …

هذه الصفة لازمة لفرسان الميدان، ولا سيما فرسان العصور الأولى الذين يقفون للقتال وجهًا لوجه، وينظر أحدهم إلى قرنه وهو يهجم عليه.

وكانت هذه الصفة من صفات علي — رضي الله عنه — يفهمها من يريد أن يفهم ولا يضيق صدرًا بفضله، وينكرها من ينفس عليه فيسميها الزهو أو يسميها الجفوة والخيلاء، قال له قيس بن سعد بعد عزله من ولاية مصر: إنك والله ما علمت لتنظر الخيلاء … ومر الزبير بن العوام مع رسول الله في بني غنيم، فرأى رسول الله عليًّا على مقربةٍ منه فضحك له وضحك عليٌّ يحييه، فقال الزبير: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، قال رسول الله: إنه ليس به زهو، ولتقاتلنه وأنت له ظالم …

فليس هو بالزهو المكروه، ولكنها الشجاعة التي يمتلئ بها الشجاع والثقة التي تتراءى مكشوفة في صراحتها واستقامتها؛ لأن صاحبها لم يتكلف مداراتها ولم يحس أنه يحتاج إلى مداراتها؛ ولأنه لا يقصدها ولا يتعمد إبداءها …

•••