سر تقدم الانجليز السكسونيين الا لجمعية قد انقضى نحبها . ومن الصعب ان نعدل عن تلك التربية . ولست أدرى ان كان القرآء يشعرون بما أقول بالنظر لأنفسهم . غير أنى شاعر به في نفسي فأحس انني رجلان . رجل درس علم الاجتماع ورأى مايجب فعله . ورجل حبس في دائرة تربيته الاولى ورزح تحت اثقـال ماضية فهو غير قادر على العمل بمقتضى علم الاول وان أتى عمـلا فهو صعب و ناقص . كأن رأسى دخلت في نظام التربية الاستقلالية التي تقوى الهمة الذاتية وظل جسمى محجوراً عليه في نظام التربية الاتكالية التي تضغط هنا جاز علينا قول ( فيرجل ) الشهير « ان من الصعب ان يتحول الانسان عن تربيته الاولى » . ذلك لان الامم قسمان : فمنها من تربت على الاتكال وهو عبارة عن ميل افرادها الى الاعتماد على الهيئة أو الحزب من عائلة وعشيرة وقبيلة وحكومة وغيرها لا على أنفسهم . وأكبر مثال لتلك الامم هو الشرق . ومنها من تربت على النشأة الاستقلالية أي ان كل فرد منها يعتمد على نفسه لا على الجمعية . وأعظم مثال فيها هي الامم الانكليزية السكسونية عليه . ومن ۷۹ الا ان ماصار صعبا علينا وغير ممكن في السن الذي وصلنا اليـه ليس كذلك بالنظر الى أبنائنا لأنهم لا يزالون كالعود الاخضر يسهل تقويمه والتعليم في الصغر كالنقش في الحجر . واذ قد حكم علينا بالاقامة على شاطئ النهر وجب ان نمد اليهم يد المساعدة كي يعبروه . ذلك هو أكبر الاعمال بالنظر للآباء في هذه الاوقات فمن لم يفعله فقد أهمل أول واجب عليه . ولا بد ان يعاقب على اهماله في أبنائه . أما أنا فقد عقدت النية على آدائه
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/87
المظهر