سر تقدم الانكليز السكسونيين عظمة الامم وقوتها بقدر عدد مدارسها . ومما هو جدير بالنظر أن الذي يقيم هذه القيامة على المدارس ليس متبر براً ولا جهولا خرج من غابات جرمانيا . بل هو ثمرة من ثمار أكبر تقدم وصلت اليه المدارس في الدنيا وناشيء في البلاد الالمانية التي اشتهرت بالاجتهاد والتمكن من العلوم والتعمق فيها ردد الامبراطور الكلام في آخر خطابه على مضار طريقة التعليم الحالية بأجسام التلامذة فقال « وما الذي نرجوه من رجل لا يرى الاشياء بعينيه فقد قل الابصار بين تلامذة المدارس حتى بلغ الاعشون منهم أربعا وسبعين في كل مائة . ومع أن غرف التدريس في مدرسة كاسيل مذ كنت فيها كانت نقية الهواء اجابة لرغبة والدتى ولم يزد عددنا على واحد وعشرين تلميذاً كان منا ثمانية عشر يلبسون العيون الصناعية ( نظارات ) وقد تولانى الفزع من ذلك وأؤكد لكم أن كثيراً من العائلات قدمت عرائض لا تحصى شاكية من تلك الحال وراجية توجيه أنظاري اليها . ولما كان أمر ذلك راجعا الى لانى أبو الوطن فمن الواجب على أن أعلن للناس بان تلك الحالة لن تدوم أيها السادة لا ينبغي أن ينظر الناس الى الدنيا بعيون من الزجاج بل بأعينهم الطبيعية . وانا أعدكم بأنى سأوجه الافكار نحو ما ذكر » والذي يتلخص من ذلك كله أن المدارس لم تنجح في التعليم العملي كما حبطت مساعيها من الجهة العلمية ثم انها لم تأت بالمراد ايضا من جهة ثالثة وهي الجهة السياسية وهي أهم الجهات التي تلام على النقص فيهـا . اذ لا يخفى أنه كان ينتظر من المدارس توجيه افكار الشبان الى الخطة السياسية المطلوبة . وهذا الامل هو الذي 59
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/67
المظهر