سر تقدم الانكليز السكسونيين ٣٥٧ من الدلالة بالسياسة والمحترفين بها برهان على ضعفها وانحطاطها لما في ذلك على ان الناس يعتمدون على الحكومة اكثر من اعتمادهم على أنفسهم وانهم ميالون الى الارتزاق من الوظائف اكثر من ميلهم الى الكسب من المهن الحرة المستقلة . والذى تطمع فيه الاحزاب بعد انتصارها انما هو التهام الغنيمة أعنى الوظائف فى الحكومة فالاسلاب لمن ظفر ومتى رسخت هذه الافكار فى المقول أبعدت أهلها عن الحرف المستقلة والحرف المستقلة هى التي فيها قوة الامة الحيوية كما ان تلك الافكار تثبط العزائم وتثنى الهم . وعند نا اليوم من العلامات الصحيحة ما يشير الى ان الفرنساويين بدأوا ينفضون عن أفكارهم غبار هذا الخيال فصرنا نعقل ان السياسة تأت لنا بما كنا نرجوه منها وان أملنا قد خاب في كل صوب فلم ننل حظنا من الحرية والمساواة والاخاء ولم نحظ بحكومة قل مصرفها ولم تخفف عنا ضرائبنا ولم تحصل المسالمة والاحتمال فى الآراء السياسية والمعتقدات الدينية ولم ولم بل رجعنا من اليأس الى قلب الحكومات واسقاط الوزارات واكثر من ذلك تنقيح القوانين وتعديل النظام وأصبحنا وقد اختبرنا كل شئ وصرنا عالمين بما في جوف السياسة كلها . ومن أجل ذلك تولد هذا الروح الجديد الذي نشاهده وهو زيادة عدد الذين يقل اهتمامهم يوما بعد يوم بالجرائد السياسية المحضة . ارجع الى زمن «الإصلاح» أو زمن «حكومة شهر يوليه » أو زمن ( الامبراطورية الثانية » نفسها تران كل جريدة سياسية كانت قوة بذاتها تحترمها الناس ويسمعون قولها وكان لصاحب الجريدة قوة كبرى حتى كان أعظم رجال العصر من أصحاب الجرائد ومنهم
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/365
المظهر