سر تقدم الانكليز السكسونيين ٢٩٥ ذلك الترقي الذي صير في رأيهم الواحد مدينا للكل هو عمل الجمع أو عمل الافراد . وبعبارة أوضح هل هو من عمل الجمعيات التي كانت السلطة فيها فوق كل شيء أو من عمل الجمعيات التي كان كل فرد حراً فيها يجرى وراء مصالحه كما يشاء : لانه لا يتأتى لهم بالطبع ان يبنوا مذهبهم على ما حصل من الترقى ولا يلتفتون الى كيفية حصوله وطريقة اكتسابه واذا تمهد هذا سهل علينا البحث في موضوعنا من الحقائق التي يعرفها كل واحد ان الامم الحالية ساعدت على نمو التقدم أكثر من الامم الماضية وان الامم الغربية تفضل في ذلك الامم الشرقية ومن الواضح ان الامم الحالية والامم الغربية انما فضلت غيرها بتغلب العمل الشخصى على العمل العام أي بقوة استقلال الفرد امام الكل فكلما الماضي الى المستقبل وسرنا من الشرق الى الغرب نشاهد شخصية انتقلنا من الافراد تعظم شيئاً فشيئاً وان الواحد يستقل عن الهيئة ويستأثر بكثير من الاعمال دون البقية وان العمل أصبح حراً بعد ان كان مقيد او اضحى ذاتيا بعد ان كان كليا كما انتقلت الملكية من يد الجمع وتقسمت على الافراد فبطلت صولة القبيلة على كل واحد من اعضائها وبادت اثرة الطوائف دون افرادها واستوى كل باخيه مدنيا وسياسيا وتبدلت الحكومات من ملوكية مطلقة أو جمهورية مستبدة الى ملوكية أو جمهورية حرة نيابية . وبالجملة نشاهد التقدم الاجتماعي يسير خلف استقلال الافراد تجاه الحكومات واذا نظرنا الى أمم الغرب وحدها رأينا ان التى تفوق غيرها منها في التقدم وسرعة
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/303
المظهر