سر تقدم الانكليز السكسونيين من غيرها ١٤٩ والسبب فى هذا اهمال الفرنساويين على تمادي الايام منابع الثروة العمومية الثلاثة وهى الزراعة والصناعة والتجارة . ولسنا في حاجة الى اعادة ماسطره الغير من اصرار ملوكنا وأخصهم لويز الرابع عشر على حمل الشرفاء على ترك أراضيهم وجلبهم الى دائرة الخشم والمعية وان الطبقة العليا تناست شيئا فشيئاً سكنى الارياف واعمال الفلاحة واختارت الاقامة في المدن الكبيرة وصارت فرنسا اليوم هى البلد الذي تطول فيه غيبة كبار الاغنياء عن أملاكهم وتحولهم عن الاشتغال باستغلال أراضيهم وأصبحت الاموال التي كان ينبغي استعمالها في الزراعة وتحسين طرقها معطلة لا تفيد الزراعة وكان من الممكن استعمالها في الصناعة أو التجارة الا انهما معتبران عند كل ملتصق بتلك الطبقة من الاعمال الدنيئة جريا على ذلك الوهم المتأصل في الافكار من قديم حتى ان المشتغلين بهما لا يفكرون الا في الكسب باسرع ما يمكن ولا غرض لهم من جمع الاموال الطائلة الا التقاعد عن صناعتهم أو تجارتهم وادخال أبنائهم في المهن التي تطلعت اليها الطبقة التي اتفقوا اليوم على تسميتها بالعليا وهى الوظائف الادارية . فمنتهى أمل كل فرنساوى ان يلتحق بوظيفة فى الادارة أو الجيش وهى الطريقة التي يكون الواحد منهم بها مكرما محترما وهى التى تؤهله الى أن يتزوج بامرأة من الاغنياء وتجعله مقبولا بين القوم الممتازين . اذن فالفرنساوى اما موظف أو مترشح للتوظف وله من ذلك راتب يقبضه وهو يقتصد من راتبه مازاد على حاجته ولا شك انه لا يميل الى استعمال ما اقتصد فى الزراعة أو الصناعة أو التجارة
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/157
المظهر