لندن من ملاحظتهِ ارتفاع غطاءِ إناءٍ فيهِ ماءً غال وبحث في هذا الموضوع طويلًا ودوَّن كلَّ ما لاحظهُ في كتابهِ المسمى استخدام الاختراعات ثم قام سڤري ونيوكمن وغيرهما وحاولوا في استخدام ملاحظات وستر فاصطنعوا الآلة البخارية وأوصلوها إلى الدرجة التي رآها فيها وط لما استُدعي لإصلاح آلة نيوكمن الخاصة بمدرسة غلاسكو الجامعة كما تقدم. أما وط فلم يدع هذه الفرصة تذهب سُدًى بل انتهزها فجعلتهُ يقضي عمرهُ في إصلاح الآلة البخارية
وانتهاز الفرص ومراقبة الحوادث العرضية وتحويلها إلى مقصد من المقاصد سرٌّ عظيم من أسرار النجاح. ومن قصد النجاح في أمر لا بدَّ من أنْ يجد فرصاً تُيسِّر لهُ ذلك الأمر وإن لم يجدها اوجدها لنفسهِ. وليس النجاح متوقفاً على الدرس في المدارس الكبيرة والانتظام في المجامع العلمية لأن أكثر العلماء والمخترعين لم يكن لهم شيءٌ من الوسائل العلمية بل إنهم أفلحوا بواسطة المصاعب. وأفضل الصنَّاع لم يكن لهُ أدوات تصلح للعمل بها ولكن ليس الصانع بأدواتهِ بل بحذقهِ ومواظبتهِ
قيل سأل بعضهم أوبي المصوِّر بِمَ تمزج الألوان حتى تصير بديعة بهذا المقدار فأجابهُ على الفور إني أمزجها بدماغي. وهذا شأن كلِّ صانع ماهر. ألا ترى أنَّ فرغوسن صنع ساعة خشب ولم يكن معهُ من الأدوات غير سكين صغيرة مما يوجد مع كلِّ ولد ولكن ليس كلُّ ولد فرغوسناً. والدكتور بلاك اكتشف الحرارة المختفية بواسطة كوبة من الماءِ وثرمترين فقط. والفيلسوف نيوتن حل النور وعرف أصل الألوان بواسطة موشور وعدسيات وقرطاس. قِيل زار أحد العلماءِ الدكتور وُلَستون العالم الطبيعي وطلب إليهِ أنْ يريهُ محل امتحاناتهِ الذي اكتشف فيه تلك الاكتشافات العظيمة فأدخلهُ إلى غرفة صغيرة وأراه طبقاً عتيقاً عليهِ قليل من زجاجات الساعات وأوراق