صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١٧
الاعتماد على النفس

الأمثلة للصفات الثابتة الموروثة في الشعب الإنكليزي.

وخلاصة ما تقدم أنهُ ما من أحد نال المجد والشرف إلَّا بعد السعي والكد وما من أحد قدر على نيلهما بالكسل والتواني وما أحسن ما قالهُ أبو الطيب المتنبي:

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدرِ الكرامِ الكرائمُ

ويد الإنسان ورأسهُ يصيرانه حكيماً غنيّاً وإنْ وُلد في الغنى والسعة وكان من قوم لهم اسم وفضل لا يحصل على شهرة ما لم يكن مستحقّاً لها لأن الغنى يتصل بالإِرث وليس كذلك العلم والحكمة والغنيُّ يستأجر من يعمل لهُ أعمالهُ ولكنهُ لا يستطيع أنْ يستأجر من يفتكر عوضاً عنهُ ولا أنْ يشتري العلم والتهذيب ولا الشهرة التي يستحقها لأجلهما. فلا شهرة إَّلا بالسعي والاجتهاد وذلك يصدق على أصحاب الثروة كما يصدق على درو وجيفورد اللذين درسا في دكان السكاف وعلى هيوملر الذي درس دروسهُ الانتهائيَّة في مقلع الحجارة.

والغنى والراحة ليسا ضروريين لبلوغ المراتب العليا من الرقي وإلَّا لما كان الناس مديونين دائماً للذين نشأوا من أدنى الرتب. وذلك لأنه إذا كان الإنسان غنيّاً مترفهاً لم يضطرَّ أنْ يقاوم الصعوبات فلا تقوى عزيمته ولا تصيرهُ من ذوي الإقدام. وإذا كان الفقر عدوّاً فالاعتماد على النفس يجعلهُ صديقاً يولي العزم والإقدام ومناضلة الدهر وما يتبعها من الظفر والمجد. قال الفيلسوف باكن: إنَّ الناس لا يقدرون غناهم ولا قوتهم قدرهما لأنهم يقدرون الغنى أكثر مما يستحق والقوة أقل مما تستحق. أمَّا الاعتماد على النفس ومقاومة الأهواءِ فيعلمان الإنسان أنْ يشرب ماءً من جبهِ وأنْ يشتغل ويتعب لتحصيل معيشتهِ وإنفاق ما يصل إلى يده بالحكمة والاقتصاد.

والغنى يقود إلى الكسل والبطر وهما أمران نرى الإنسان مائلًا إليهما طبعاً حتى إنَّ الذين وُلدوا في نعمة وافرة إذا استهانوا بالراحة

٢