صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/150

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
١٤٢
في المصورين والنحاتين

كما جاءَ في الفصل الأول من هذا الكتاب. ومما يشهد بمهارة إبرهيم في هذه الصناعة ما رواهُ علي بن عبد الكريم قال زار ابن جامع إبرهيم فأخرج إليهِ ثلاثين جارية فضربنَ جميعاً طريقة واحدةً فقال ابن جامع في الأوتار وترٌ غير مستوٍ فقال إبرهيم يا فلانة شدي مثناك فشدتهُ فعجبتُ أولًا من فطنة ابن جامع لوتر غير مستوٍ في مئة وعشرين وتراً ثم ازداد عجبي من فطنة إبرهيم لهُ بعينهِ

ومرض إبرهيم بداءِ القولنج فلزمهُ وعادهُ الرشيد يوماً في مرضهِ وقال لهُ كيف أنت يا إبرهيم فقال كما قال الشاعر

سقيمٌ ملَّ منه أقربوهُ
وأسلمهُ المداوي والحميمُ

فقال الرشيد إنَّا لله وخرج فلم يبعد حتى سمع الناعية عليهِ. وكانت وفاتهُ سنة ١٨٨ هجرية ولهُ من العمر ٦٣ سنة وأسف عليهِ الناس ورثاهُ كثير من الشعراءِ من ذلك قول ابنه إسحاق

ستبكيه أشراف الملوك إذا رأوا
محل التصابي قد خلا منه جانبه
ويبكيه أهل الظرف طرًّا كما بكى
عليه أمير المؤمنين وحاجبه

أما ابن جامع المذكور فمغنٍّ من أشهر المغنين من طبقة إبرهيم الموصلي ومن معاصريهِ وهو عربي الأصل قدم من مكة على الرشيد وكان حسن السمت متضلعاً بعلوم الدين حتى ظنهُ أبو يوسف القاضي من الفقهاءِ. قيل وكان ابن جامع بارًّا بأمهِ فاحتال عليهِ الرشيد مرةً وأخبرهُ أنها ماتت فاندفع يغني بصوت حزين حتى أبكى كل من كان حاضراً فأمر له الرشيد بمال كثير وأعلمهُ أنَّ الخبر حيلة ليسمع غناءهُ المحزن

ومن المغنين المشهورين إبرهيم بن المهدي أخو هرون الرشيد كان لهُ اليد الطولى في الغناءِ والضرب بالملاهي وكان أسود اللون لأن أمهُ جارية سوداءُ. ولم يُرَ في أولاد الخلفاءِ قبله أفصح منه لساناً ولا