الساعة السادسة قبل الظهر إلى الثامنة بعدهُ. وكان من عادتهِ أنْ يمسك خيط الطباشير لناظر المسبك عندما يرسم رسوم الخلاقين على الأرض ويساعدهُ في الرسم فأُغرم بالرسم وصار حينما يرجع إلى البيت يجلس على أرضهِ ويرسم عليها رسوم الخلاقين. وذات يوم أُخبرت أمهُ أن واحدة من نسيباتها آتية لزيارتهم فنظفت البيت لاستقبالها بقدر ما يمكن وخرجت فلاقتها وأتت بها وكان جمس قد عاد في غيبتها من المسبك وجلس يرسم رسم خلقين على الأرض كجاري عادته فاغتاظت أمهُ غيظًا شديداً إلَّا أنَّ نسيبتهم مدحت عملهُ وطلبت من أمهِ أنْ تعطيه ما يحتاج إليهِ من الورق والأقلام
ثم أخذ يرسم صور الأشخاص وينقل الصور المطبوعة وكان يجهل قوانين النور والأظلال ولكنه استمر على ما هو فيه إلى أنْ برع في النقل. ولما بلغ السادسة عشرة دخل المدرسة الميكانيكية لكي يتعلم صناعة الرسم وكان معلم الرسم فيها حلاقاً قد تعلم الرسم من نفسهِ وكان جمس يتعلم في هذه المدرسة يوماً واحداً كل أسبوع ودام على ذلك ثلاثة أشهر فنصحهُ معلمهُ أنْ يستعير من المكتبة مقالات برنت في التصوير ولم يكن يعرف القراءة فكانت أمهُ تقرأ لهُ وهو يسمع فشق عليهِ جهله القراءة وخصوصًا لرغبتهِ في هذا الكتاب فترك الذهاب إلى المدرسة وأكبَّ على تعلم القراءة والكتابة في البيت فنجح سريعاً ثم رجع إلى المدرسة وصار يقرأ في كتاب برنت بنفسه ولم يكتف بالقراءة بل كان يكتب ملخص أمور كثيرة منهُ ويبقيها معهُ إلى حين الحاجة. وكان يقوم الساعة الرابعة صباحاً ويعكف على القراءة إلى الساعة السادسة صباحاً وحينئذ يذهب إلى المسبك ويبقى فيه من الساعة السادسة صباحاً إلى الثامنة مساءً فيرجع إلى البيت ويعود إلى القراءة ويبقى قارئاً إلى نصف الليل وكثيراً ما كان يحيي الليل كلهُ في نقل بعض الصور. ثم قصد أنْ يمارس التصوير بالزيت