صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- ۲۹ - والغلطة الثانية : وقوعه فى الدين من المصارف الأجنبية لقلة دخل الدولة وكثرة إسرافه . نعم، إن بعض هذا المال أنفق في إصلاح الجند والبحرية ، ولكن كثيراً منه أنفق فى بناء قصوره الكثيرة الفخمة وما تحوى من أسباب الترف والنعيم - مع أنه لما أراد سعيد باشا والى مصر الاستدانة بعث إليه بكتاب طويل مملوء بكل الحجج التى يمكن أن تقال فى سوء عاقبة الاستقراض وضرره بالممالك - فكان هذا أيضاً وسيلة من وسائل التدخل الأجنبى ؛ هذا إلى اعتداده بنفسه ، واستبداده برأيه ، وتركيز أعمال الحكومة كلها في شخصه ؛ فهو مرجع كل شيء ، لا يسمع نصيحة ناصح ، ولا رأى مجرب ، ويخشى الذكاء والعلم والثقافة الواسعة ومعرفة بواطن الأمور ، لأنها كلها تؤدى إلى مراقبة أعماله ومحاسبته على إسرافه . وجاء السلطان عبد الحميد فزاد فى الطنبور نغمة بل نغمات ؛ لقد لعب خوفه على شخصه برأسه ، وقد سمع من التاريخ أن كثيراً من أجداده خلموا أو قتلوا ، وهذا بالأمس القريب عبد العزيز خلع وقيل قتل، فليحذر أن يمثل به هذا الدور؛ ثم ذكاء نادر ، و مال كثير ، وسلطان كبير ، كل هذا يوجه للمحافظة على شخصه أن يمس بسوء ، فلا تذكر الملة والأمة فى الصحف والمجلات ، بل تذكر «الذات الشاهانية » متوجة بالألقاب الضخمة الفخمة ، فهو السلطان الأعظم ، والخاقان الأتخم ، وسلطان البرين والبحرين ، وإمام الحرمين الشريفين ؛ وهو ظل الله في أرضه ، المحفوف بألطافه الصمدانية ، وعنايته الربانية . ويصادر الكتاب إذا كان فيه « الأئمة من قريش » . وتمنع « العقائد النسفية » من الطبع لأن فيها فصلا في الإمامة وشروط الخلافة ؛ وكل كتاب يطبع في الشام أو العراق أو الآستانة لا بد له من رخصة جليلة » ؛ ويجمع كتاب كان يدرس فى مكتب الحقوق » ويحرق لأنه وردت فيه جملة مضمونها