صفحة:رحلة جرجي زيدان إلى أوربا.pdf/148

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
- ١١٨ -

فالإنكليز من أكثر الأمم محافظة على التقاليد المتوارثة. وذلك من قبيل الثبات في أخلاقهم. ولهذا السبب كانوا من أشد الناس احتراماً لرجال التاريخ منهم ينصبون لهم التماثيل ويعملون بأقوالهم. ولنفس هذا السبب جروا في استعمارهم على احترام تقاليد الأمم التي تدخل في سلطانهم أو حمايتهم. فلا يتعرضون لهم في شيء من أديانهم أو عاداتهم بل يساعدونهم على القيام بشعائرهم الدينية أو الوطنية. ولذلك كان الشرقيون أكثر ارتياحاً إلى سيادتهم مما إلى سواها لولا ترفعهم وبعدهم عن المجاملة.

٦ - التدين والنظام

ومن قبيل الثبات والمحافظة على التقاليد أنهم متمسكون بعقائدهم الدينية. ورغم تطرف أكثر الأمم من جيرانهم وزملائهم في الحرية الدينية حتى جاهروا بمناوأة رجال الكهنوت ومطاردة الجمعيات الدينية فالإنكليز ما زالوا متمسكين بأهداب الدين يحافظون على طقوسه وتعاليمه ولا سيما الراحة يوم الأحد فقد ذكرنا كيف يقفلون الحوانيت والمخازن وغيرها في أيام الآحاد والأعياد.

ومن هذا القبيل أيضًا خضوعهم للنظام وتقديسه والإذعان له باحترام وافتخار لا يستنكف من ذلك كبيرهم ولا صغيرهم ولا يرى الملك بأساً أن يعترف بالخطأ بين يدي أصغر رعاياه ولا يعد ذلك حطة. وإنما هو من نتاج جنوحهم إلى الحقيقة واحترامهم إياها. وتجد كتبهم المدرسية مشحونة بالحكايات التي تعلِّم هذه