صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/99

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
بين الحقيقة والخيال
٨١
 

مائدتها لنلتذَّ بخمرها وأطعمتها فنذهب ونشره فتصير تلك المائدة مرسحًا للابتذال ومجالًا لاحتقار الذات، تمد الطبيعة نحونا يد الولاء وتطلب منا أن نتمتع بجمالها فنخشى سكينتها ونلتجئ إلى المدينة، وهناك نتكاثر على بعضنا بعضًا كقطيعٍ رأى ذئبًا خاطفًا، تزورنا الحقيقة منقادة بابتسامة طفل أو قبلة محبوبة فنوصد دونها أبواب عواطفنا ونغادرها كمجرم دنس، القلب البشري يستنجد بنا والنفس تنادينا ونحن أشد صممًا من الجهاد لا نعي ولا نفهم، وإذا ما سمع أحد صراخ قلبه ونداء نفسه قلنا هذا ذو جِنَّةٍ وتبرأنا منهُ.

هكذا تمر الليالي ونحن غافلون، وتصافحنا الأيام ونحن خائفون من الليالي والأيام، نقترب من التراب والآلهة تنتمي إلينا، ونمر على خبز الحياة والمجاعة تتغذى من قوانا، فما أحب الحياة إلينا وما أبعدنا عن الحياة.


6