صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/55

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جريمة الجمود

المشهور عن المسنين أنهم جامدون يكرهون التغير والتطور ، وأنهم لهذا السبب ينفرون حتى من الأزياء الجديدة في الشبان والفتيات مهما ضولت قيمتها . كما ينفرون من أي ابتداع في الأخلاق أو الممارسات الإجتماعية العامة . وهذا الجمود يفقدهم الإتصال بالجيل الجديد ويجعل الشبان يتجنبونهم ، فيحس المسن بهذا التجنب عزلة مؤلمة

وهذا الجمود يرجع في التحليل السيكلوجي إلى القلق والخوف، فإن المسن الذي عاش ستين أو سبعين سنة سار فيها على القواعد التي تكاد تكون ثابتة ، والتي قد اطمأن وارتاح إليها ، يكره تركها إلى قواعد جديدة لا يدرى عواقبها . فهو هنا كالطفل الذي يتجنب الغرباء أو الخروج وحده إلى الشارع . وهذا الخوف نستطيع أن نتبينه عندما نجد أحد المسنين في مجتمع خاص لا يزيد على سبعة أو ثمانية أشخاص . فإنه هنا يلتزم الصمت خوفا من أن تتضح مفارقته العظيمة للتيارات العصرية وجزءاً من مواجهته بها

وكلنا عرضة لهذا الجمود إذا أهملنا تطور شخصيتنا وتعهدها بالرقى