صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الصداقة في الشيخوخة

ليس هناك من ينتقص قيمة الصداقة . فإنها متعة للصبيان والشبان والشيوخ كما هي وسيلة إلى النمو الذهني والإرتقاء الإجتماعي . وعندما تعرض حياتنا الماضية نجد أن أحسن ذكرياتنا تعود إلى صديق أنار فترة من حياتنا بصداقته حتى أننا لنعزو غير قليل من تربيتنا إلى أننا صادفناه وصادقناه . والصداقة تستنبط منا أسخي خصالنا، كالوفاء والخدمة والولاء . ونحن فقراء بغير الصداقة ، نعيش فيما يشبه الكرازة النفسية ، كان حياتنا تمتد على بعد واحد ، تطول بلا عرض. أما الحياة العريضة فتحتاج قبل كل شيء إلى الصديق الوفى الذي نشتاق إلى حديثه ونألفه حتى نكاد نتفاهم معه وهو صامت . نعرف مشكلاته كما يعرف مشكلاتنا،وتعود هموم أحدنا هموم الآخر، ولا يكاد يسير أحدنا بغير رفقة الآخر كأننا يدان في قفاز

وفى الشيخوخة تكبر قيمة الصداقة، لأن الفراغ يكثر . وهو يثقل علينا في الوحدة، ويخف بالرفقة .وأحيانا نجد المسنين يواظبون على لقاء بعضهم بعضاً في مواعيد لا تتغير ، كأنهم يحرصون على أصدقائهم كما لو كانوا