صفحة:حياتنا بعد الخمسين- سلامة موسى- 1944.djvu/125

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جو تيـه

في هذا الفصل ، والفصول القليلة التالية ، نتناول بعض الشخصيات الفذة التي يمكن أن يسترشد بها القاريء في توجيه حياته ، أو على الأقل يجد فيها الإيحاء والتنبيه إن لم يجد القدوة . وجميع من اخترناهم من المسنين الذين استمتعوا بالدنيا . ولا تعنى هنا استمتاع الملذات المألوفة من ثراء أو سلطان أو شهوات ، وإنما نعنى ذلك الإستمتاع الراقي الذي لا ترتفع إليه النفوس الناضجة التي عنى أشخاصها بتربيتها . وكل مسن يحتاج إلى تربية جسمه وذهنه و نفسه

وجوتيه ، أديب ألمانيا قبل قرن ، من أحسن الأمثلة على العناية بالحياة قبل العناية بأي شيء آخر . فقد كان أديباً وعالما ، ولكنه كان على الدوام يلح ويكرر بأن المعيشة فوق المعرفة ، والحياة أولى بالعناية من الفن ، ولم تكن ثقافته وفنه وعلمه إلا توسعاً وتعمقا في الحياة . وقد عاش بعد الخمسين ثلاثاً وثلاثين سنة كان فيها شاباً متعدد الإهتمامات والغايات، كثير الإختبارات ، يشره إليها و يغامر فيها لكى يصل منها إلى عمق الإحساس والفهم . فقد شرع يتعلم اللغتين العربية