صفحة:تاريخ الدولة السعودية المجلد الأول (1964) أمين سعيد.pdf/64

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

في خلال سنوات قليلة، ان تنقذ شعب نجد من الجهالة التي كان يجب فيها، وتنشيء مجتمعاً جديداً يؤمن بالتوحيد ويتفاني في سبيله، ويعتنق مذهب السلف الصالح، ويهتدي بهديه، ينبذ التواكل، ويكفر بالبدع والخرافات، ويعمل لاعلاء كلمة لا إله إلا الله، واختار الامير عبد العزيز بن سعود الشيخ عبد العزيز الحصيني لهذه المهمة، أوفده سنة ١١٨٥ إلى الشريف احمد بن سعيد، مع هدايا و كتاب خاص، انطوى على الرغبة الصادقة في التفاهم والأخذ بمباديء (التعايش السلمي) على طريقة أهل هذا العصر، ذلك ان شعار الدعوة، هو نشر السلام، والتفاهم مع الناس عن طريق الاقناع والبرهان، لا عن طريقي العنف والقوة . وأتصل الشيخ عبد العزيز، وهو أول موفد رسمي للدعوة الى الحجاز، بعلمـاء مكة، وتلا عليهم بياناً مطولاً عن الدعوة وعن المبادىء التي انبثقت منها، وعن الاغراض التي ترمي اليها، وعن النتائج التي أدركتها، وقال ان مذهبنا هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وهو أحد المذاهب الأربعة التي انعقد عليها الاجماع عند اهل السنة والجماعة، لا تخرج منه، ولا نحيد عنه، وهو يحض على هدم القباب، ويمنع الاستغاثة بالصالحين وطلب شفاعتهم، وهذا كل ما فعلناه . وأرتاح علماء مكلمة الى ما سمعوا، ويقول ابن غنام مؤرخ نجد، وقد عاصر الرحلة ودرن اخبارها، وأورد تفاصيلها، انها نجحت نجاحا باهراً، وأذابت الثلوج التي كانت تمشى علاقات البلدين، ونسفت الداعية الباطلة التي كانوا يدعون بها ضد نجد واهلها . وانتقلت الأمارة بعد وفاته الى شقيقه الشريف مسعود بن سعيد، وكان أصلب عوداً من اخيه، وأميل إلى الشدة والعنف، فاستأنف الامام عبد العزيز الاتصال به، عملا على انشاء أفضل العلاقات معه، وبدأ فأرسل اليه وفداً من علماء نجد ضم ٣٠ عالماً لمساجلة علماء مكة ومناظرتهم واقناعهم عن طريق الدليل والبرهان، بأن نجداً تأخذ بما اخذ به السلف الصالح وتسير سيرته، وأنها تتبع مذهب الامام أحمد بن حنبل، دون ميل ولا انحراف - ٦٤ - .