صفحة:تاريخ الجزائر في القديم والحديث 3 (1964) - محمد الميلي.pdf/9

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أ

هذا الجزء الثالث

يمثل تاريخ الجزائر في العصر التركي الفترة المجهولة من تاريخنا ، هي فترة يزيد في غموضها أن المراجع العربية بشأنها نادرة ، وهذه الصعوبة الأساسية هي التي اصطدم بها والدي رحمه الله عندما حاول كتابة الجزء الثالث ، فلم يكتب إلا حوالي العشرين صفحة ، توقف بعدها ذلك أنه وجد أن معظم وأهم المراجع مكتوبة بالفرنسية . وقد وجدت من خلال تصفحي للأوراق التي تركها انه سلك طريقة متعبة وطويلة في التعرف على ما كتب باللغة الفرنسية : فكان يأخذ النص الواحد بالفرنسية ويكلف به اثنين منه أصدقائه أو معارفه ، لا يكون بينها أدنى اتصال، ليتر جما نفس النص ؛ وكان هدفه من كل ذلك هو أن يتعرف على محتوى النص الفرنسي ، من خلال ترجمتين لا من خلال ترجمة واحدة قد يكون بها خلل أو تحريف . والسبب في البحث بدقة عن معاني النص الفرنسي هو أن محاولة والدي لم تكن - كما يستطيع القارئ أن يتبين ذلك خلال الجزئين السابقين - عبارة عن سرد للوقائع ، بقدر ما كانت محاولة للتدليل على وجود الجزائر في التاريخ و ابراز معالم الشخصية الجزائرية .

أما عن الدافع الذي دفعني الى كتابة هذا الجزء ، فقد كان في بدايته نوعا من الشعور بضرورة أداء دين علي ، فمنذ وفاة والدي وأنا أسمع هذا السؤال : متى تكمل الجزء الثالث ? لكنني عندما شرعت في البحث عن المراجع استهواني العمل ، واكتشفت آفاق جديدة في البحث عن ا الشخصية الجزائرية .

وقد حاولت في كتابة هذا الجزء الثالث ، أن أقتصر على التعريف العام بتاريخ هذه الفترة ، دون التوغل في ذكر كل الوقائع والأحداث وتحليلها كلها ، باعتبار أن ذلك يجب ان يكون موضوع دراسات خاصة ، وليس موضوعه هو كتاب مهمته التعريف العام بالجزائر في هذه الفترة . وسوف يجد القارئ اني اهملت التعرض للحياة الأدبية في هذا

،