صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/19

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

قليلة من أقلامهم (كوفاء أفندي محمد) المتوفى سنة 1319 (وقيل 1322) (1901 - 1904) كان أمين المكتبة الخديوية دونك مثالا من رسائله يهنئ بعض السادة بالعيد:

«كيف أهنئك وحدي وأنك العالم في واحد. فقد انطلقت الألسن بتهنئتك حيث أجمعت القلوب على محبتك وقد وافانا يوم العيد الأكبر فالناس بين مهلل ومكبر. وهذا الربيع قد احتفل بيمن طالعك السعيد فنشر على الربى مطارفه السندسية ورفع أعلامه الزبرجدية، وبعث برسول النسيم، إلى الروض فتلقاه بوجه وسيم، وثغر بسيم، ونشر من الزهر النضير، دراهم ودنانير، ورقصت الغصون فغنت الطيور فوق الأفنان، بفنون الألحان، فهكذا تكون إشارات التهانئ، وإن لم تف بوصفها الألفاظ والمعاني، والية بمن أولاك، رفعة تصافح السماء وولاك، رتبة لا تدانيها الجوزاء، عن صحيح الفهم في دارك علاك لعليل، وإن اللسن وإن شحذ اللسان في وصف مجدك لكليل والسلام»

ومنهم (مصطفى بك نجيب) المتوفى سنة 1320هـ (1902) وكان رئيس قلم بنظارة الداخلية وهو أحد الأدباء الفضلاء الذين اشتهروا بفصاحة القلم ونشر المواعظ وجليل الحكم فمن قوله نبذة وصف فيها الفونغراف قال:

«الفونغراف مثال القوة الناطقة، من غير إرادة سابقة، يقتطف الألفاظ اقتطافا، ويخطف الصوت اختطافا، أشد من الصدى في فعله، في إعادة الصوت على أصله، كأنه الوتر عن يد الضارب، والقصب عن فم القاصب، يحفظ الكلام ولا يبيده، ومتى استعدته منه يعيده، كأنما حفظ الوديعة، في نفسه طبيعة، فلو تقدم له الوجود في مرتبة الزمن لأسمعنا كلام السيد المسيح في المهد، وصوت ألعازر من اللحد، وكانت استودعته الفلاسفة حكمتهم، وأنشدوه كلمتهم، فرأينا به غرائب اليونان، وبدائع الرومان ... نديم ليس فيه هفوة النديم، وسمير لا ينسب إليه تقصير، تسكته وتستعيده، وتذمه وتستجيده، وتنقصه وتستزيده، وهو في كل هذه الأحوال، راض بما يقال، لا يكل من تحديث، ولا يمل من حديث، نمام كما ينم لك ينم عليك، وينقل لغيرك كما ينقل إليك، فهو المتكلم بكل لغة ولا يجهده الأداء، ولا يضره اختلاف شكل، ولا تباين أصل، بل تعدت شدة حفظه البشرية من اللغات، إلى حفظ أصوات العجماوات، إلى تركة اصطكاك الجمادات.»

(عائشة التيمورية) هي إحدى النساء المسلمات التي تفردت في الآداب في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل العشرين فتوفيت في صفر من السنة 1320 (أيار 1902) وكان مولدها في القاهرة سنة 1256هـ (1840م) ووالدها إسماعيل باشا تيمور