صفحة:تاريخ الآداب العربية في الربع الأول من القرن العشرين (1926) - لويس شيخو.pdf/112

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الفقهية متلمذا للسيد يوحنا حبيب منشئ الجمعية التقويمية قبل أسقفيته فكان موضوع إعجاب أستاذه ولم يزل يتبخر في الفنون الشرقية القضائية حتى عد من كبار علمائها وأسندت إليه أرقى مناصبها فقام بها أحسن قيام واستحق ثناء أرباب الأمر. وعموم الأهلين وألفت إليه أنظار الدولة التركية فجعلته من أعضاء مجلسها الشورى. ثم عاد إلى وطنه فخدمه أطيب الخدم كمحام قانوني وأستاذ نطاسي ومؤلف بارع تشهد له المؤلفات العديدة التي يتداولها أرباب المحاكم كشرح المجلة وشرح قانون المحاكمات وقانون الجزاء ومرقاة الحقوق وهو مختصر نفيس في علم الفقه فضلا عن تآليف فقهية عديدة عربها عن التركية ومقالات عديدة عربها عن التركية ومقالات عديدة يطول تعدادها. وقد نشر أخوه جناب الدكتور جورج باز ترجمة حياته المطولة في المشرق (٣٠ (١٩٢٢) : ٩٣٨ - ٩٥٧) .

وكانت السنة ١٩٢١ أسوأ عاقبة على الأدباء فغادرنا كثيرون منهم إلى العالم الآخر ففي ١٧ كانون ١٩٢١ ودع الحياة أحد أدباء صيداء (فرج الله نمور) من أسرة نمور الوجيهة. ولد في ٢٥ آذار سنة ١٨٦٨ ودرس في مدرسة الآباء اليسوعيين في صيداء فنال بين رفقته قصب السباق وأخذ يتمرن على الكتابة ونظم الشعر حتى برع فيهما ثم بارح الوطن لما وجد فيه من المضايقة على الأقلام وانتقل إلى مصر فصار يحرر في أكبر جرائدها. ثم تجول في البلاد وزار تونس وأنشأ مع نجيب ملحمه جريدة البصيرة فقام بأعباء تحريرها سنتين ثم أنشأ في طنجة جريدة لسان المغرب فأصابت رضى سلطان مراكش. ثم اضطر بعد أربع سنوات إلى مغادرتها لاختلاط الأمور السياسية وأبحر إلى البرازيل سنة ١٩٢٠ وفتح في سان باولو مدرسة خدم فيها الجالية السورية بهمة قدرها له المهاجرون لولا أنه أصيب في أوائل السنة ١٩٢١ بداء الجنب الذي لم يمهله إلا أياما قليلة فغالته المنية وعم أسف مواطنيه على فقده. ولفرج الله نمور عدة قصائد قالها في كبار الرجال ولقيت استحسانهم. فمن قوله يحن إلى وطنه صيداء ويأسف على فراقها:

ما للغريب سوى البكاء مؤانس ... إن كان يعلم مؤنسا وخليلا

الله يا صيدون يا وطني الذي ... فاق البلاء مرابعا وطلولا

حياك يا وطن الفضائل والهنا ... مر النسائم بكرة وأصيلا

بلد بها اخضرت نبات عوارضي ... ورشفت من كأس الصفاء شمولا