صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/5

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١٩
الفصل السابع: الاضطرابات والقلاقل

متهيئاً للحرب مستعداً لها ورأى أن يستغل فتوحاته لهذه الغاية فأمر باحتكار بعض البضائع وفرض نوعاً جديداً من الضرائب ونزع السلاح وجند الرجال وقلّم أظافر رجال الإقطاع فعم السخط جميع الطبقات.

وتفصيل ذلك أنه منذ أواخر آذار سنة ١٨٣٣ وقبل الوصول إلى التفاهم في كوتاهية أمر العزيز محمد منيب أفندي أن يصادر البضاعة في إيالة صيدا التي لا يجوز بيعها إلا بمعرفة «الميري» كالكتان وبذوره والعصفر والنيلة والحناء والخيط والأفيون وأن يلقي القبض على أصحابها1. فأفاد محمد منيب أفندي بعد خمسة عشر يوماً: «أنه أرسل خطابات شديدة اللهجة إلى بعض المتسلمين يحتم فيها إيقاف تهريب الكتان والعصفر والنيلة والحناء والسمسم وغيره من الحبوب التي تباع لحساب الميري2. وفي منتصف حزيران من السنة نفسها أمر العزيز بابتياع جميع محصول الحرير في بر الشام3 وباحتكاره ثم عدل عن ذلك «خوفاً من إزعاج التجار والفلاحين»، ولا سيما اللبنانيين منهم واكتفى بتحديد السعر لابتياع ما يلزممنه لمصانع الحكومة4. ولا غرو فموسم الحرير في لبنان آنئذ كان أعظم المواسم وعليه المعول والاحتكار كان شأنه أن يقلب الأسعار قلباً لصالح الحكومة فيؤدي إلى نقص كبير في دخل الفلاح والتاجر. قال إبراهيم باشا في موافقته على احتكار البن في منتصف آب من السنة ١٨٣٣ بوجوب رفع سعره من غرشين إلى سبعة عشر غرشاً في الآقة الواحدة5.

وفرض العزيز في الوقت نفسه أي في منتصف السنة ١٨٣٣ نوعاً جديداً من الضرائب عرف بالفردة ولعلها الفرضة وذلك على الذكور المراهقين كافة متى بلغوا الثانية عشرة من عمرهم وجعلها تتفاوت بتفاوت الثروة من خمسة عشر غرشاً إلى خمس مئة غرش في السنة. وتفاوتت في لبنان من عشرة غروش إلى مئتين وخمسين غرشاً. وعُدت النفوس لهذه الغاية وسُجلت في دفاتر معينة وجُبيت الفردة بموجبها6. فنفر الناس منها وهاجوا.

ورأى العزيز أن يستغل مورداً آخر فأحصى جميع الإقطاعات العسكرية وأبقى التيمارات


  1. المحفوظات ج ۲ ص ٢٨٥
  2. المحفوظات ج ۲ ص ٢٩٦
  3. المحفوظات كذلك ج ۲ ص ۳۳۰
  4. المحفوظات ج ۲ ص ٤٠١
  5. المحفوظات ج ٢ ص ٣٤٩
  6. المحفوظات ج ٢ ص ٣٤٤ راجع أيضاً حروب إبراهيم باشا المصري للقس أنطون الحلبي ج ١ ص ۳۳-۳٥