الآونة نفسها إلى علي خورشيد باشا حكمدار أدنة يقول: إن ما يقصده الخصم من وراء هذه الضجة هو استفزازنا. وهو يعتقد أننا إذا ما شاهدنا اقترابه من حدودنا كبر علينا ذلك وعمدنا إلى قتاله، فيقول إذ ذاك إلى الإفرنج أن الخصم بادأنا العدوان1.
وحوالي الثلاثين من أيار اجتمع إبراهيم بأحمد منكلي باشا وسليمان باشا وإسماعيل عاصم بك حكمدار حلب وتداول الرأي معهم فقر قراره على القيام بسبعة أو ثمانية ألايات من الفرسان واثنتي عشرة بطارية من المدافع إلى تل الشعير في منتصف الطريق بين حلب وعينتاب ورأى أن الخصم سيتبع هذا الطريق في هجومه على كلس أو حلب وأن الحرب واقعة قريباً و«أن النصر سيمن به على المصريين إن شاء الله». ثم رأى في الوقت نفسه أنه إذا ما دحر الخصم وعاد الجيش المصري إلى حلب يتمكن العدو من تشكيل جيش آخر وإعادة الكرة ولذا فإنه طلب إلى الباشمعاون تبيان الخطة التي يجب اتباعها بعد قهر الخصم. فهل يسير في أثره حتى ملاطية ويتحول إلى اليسار حتى يبلغ قونية أم يزحف رأساً على كولك أم يبقى في مكانه بعد وقوع الهزيمة ورجا أيضاً ألا يتأخر الرد على سؤاله هذا كما حدث بعـد موقعة بيلان إذ تأخر وصول الرد أسابيع ثلاثة. وأضاف السرعسكر في خطابه هذا إلى الباشمعاون: لقد طلبتم إلينا ألا نكون البادئين في إطلاق النار. فها أن الخصم يتقدم فهل نتراجع إلى الوراء متى وصل وهل نتقهقر حتى نبلغ مصر؟ لا بد لنا من إطلاق النار متى وصل2. فأجابه الباشمعاون بما يلي: عندما يتم دور الجيش يزحف على مرعش وخربوط وملاطية وأورفة وديار بكر دون الحاجة إلى الرجوع إلى حلب أو مداومة الزحف حتى قونية. ومتى تم الاستيلاء على هذه الجهات يجب التوقف هناك دون أي تقدم إلى الأمام ويجب منع جيش الخصم المرابط على حدود أدنة من اجتياز كولك بوغاز كما أنه يجب ألا يتجاوز الجيش المصري كولك بوغاز3.
وفي اليوم الأول من حزيران سنة ١٨٣٩ اتصل بإبراهيم باشا أن طوابير خمسة من فرسان العثمانيين وصلت إلى تل باشر وطردت الفرسان المصريين منها وأن ألايات من المشاة تزحف وراء هؤلاء الفرسان فكتب السرعسكر إلى سليمان باشا في حلب يأمره بالقيام إليه بالمشاة والمدفعين. ولدى وصول هذا إليه قام السرعسكر بفرسانه إلى الحدود4.
بشير بين السلطان والعزيز ج ٢ – ٤