صفحة:بشير بين السلطان والعزيز، الجزء الثاني (الجامعة اللبنانية، الطبعة الثانية).pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الفصل العاشر
العزيز وطريق الهند
١٨٣٤ - ۱۸۳۹

وسخَّر العلماء البخار في أواخر القرن الثامن عشر لتحسين المواصلات في الـبر والبحر وتبعهم غيرهم في أوائل القرن التاسع عشر فأحسنوا الصنع وأجروا القطارات والسفن. وهب رجال السياسة والحرب يسخرون العلم بدورهم لمآربهم وأغراضهم. ورأت الحكومة البريطانية أن تستعين بالبخار لتقصير طريق الهند، فأوفدت الوفود إلى بلدان العرب وخصت العراق وبر الشام بأكثرهم. وأرجأت البحث في البحر الأحمر وبرزخ السويس إلى حين آخر. وذلك لأسباب أهمها أن سلوك الأنهار بالبخار كان لا يزال أسهل من سلوك الأبحار وإن مصر وبرزخها كانا في قبضة رجل قوي عظيم وإن الأرياح الجنوبية الغربية كانت لا تزال تعرقل الملاحة في بحر العرب زهاء أربعة أشهر من كل عام وإن الروس كانوا قد بدأوا يهددون الهند من كل صوب في البر وأنهم كانوا قد أجروا السفن البخارية في الفولغة وقزوين.

وكان في طليعة الموفدين للدرس والتنقيب المستر فرنسيس تشزني الذي أمَّ الآستانة في السنة ١٨٢٨ «ليتطوع في الجيش العثماني ويحارب الروس». ولكنه وصل بعد أن وضعت الحرب أوزارها فعمل مدة من الزمن كمراقب عسكري في جيوش السلطان ثم وضع نفسه تحت تصرف السفير البريطاني السر روبرت غوردن. فأوفده هـذا إلى مصر ليدرس فيها إمكانية تقصير طريق الهند كما سبق فأشرنا. وما أن وصل إليها (أيار سنة ١٨٣٠) واتصل بقنصل بريطانية فيها المستر جون باركر حتى أطلعه هذا على مجموعة من الأسئلة التي وجهها