المشكلة المصرية تسوية حبية وذلك بطريقة المفاوضة المباشرة بين الطرفين1. فنزل الباب العالي عند رغبة فرنسة وأوفد إلى مصر صارم أفندي ليفـارض العزيز في الأمر. فوصل إلى الإسكندرية في أواسط كانون الأول سنة ١٨٣٦2 ولدى خروجه من محجرهـا الصحي اتصل بالعزيز وبوغوص بك وبدأ بالمفاوضة وأكد أن مهمته تقضي بتحسين العلاقات بين مصر وبين الباب العالي وبتحاشي تدخل الدول بذلك. فارتاح بوغوص إلى هذه التصريحات كل الارتياح وأسرع فكتب إلى سامي بك بوجوب مقابلة الباب العالي بالمثل وإرسال مندوب مصري إلى الآستانة «لتقديم الشكر على التعطفات الشاهانيـة وعرض واجب العبودية». ولكنه عاد فكتب بعد خمسة أيام بأنه يرى في قدوم صارم أفندي إلى مصر خدعة سياسية تتذرع بها حكومة الآستانة لتقف على نوايا العزيز الحقيقية ولذلك فإنه يرجع عن رأيه السابق ويوافق الجناب العالي على عدم إرسال مندوب إلى الآستانة خوفاً من الضجـة السياسية التي قد تثأر «بدون جدوی»3.
ووافق هذا كله وصول شخصيتين كبيرتين أوروبيتين إلى مصر الأمير بوكلر موسكو والدكتور السر جون بورنغ4. فاتصلا بالعزيز وكبار رجاله وأظهرا تقديرهما لعمله العظيم واستعدادهما لتأييد استقلاله فتشجع العزيز وتقوى ولا سيما وأنه كان يرى في شخص الدكتور جون بورنغ ممثلاً لحكومته يقوم بمهمة سرية خاصة5.
وهكذا فإننا نرى العزيز يستدعي إليه في أواخر أيار من السنة ١٨٣٨ كلاً من قنصل بريطانية وقنصل فرنسة وقنصل النمسة فيبين لكل منهم على انفراد حراجة الموقف ويرجوه أن يكتب لحكومته كي تأخذ هذه الحراجة بعين الاعتبار فتتوسط بينه وبين الباب العالي وتسعى للوصول إلى حل مرضٍ لهذه المشكلة. ثم يضيف بأنه مستعد لدفع ست مئة ألف كيس إلى الباب العالي دفعة واحدة للحصول على الاستقلال وأنه في حال عدم الموافقة سيحتفظ بحق العمل دون استشارة أحد فيعلن انفصاله في الظرف الملائم ويجابه الدول بالأمر الواقع فترضى6.
- ↑ الإمبراطورية المصرية للدكتور محمد صبري ص ۳۱۹-۲۲۰
- ↑ محمد علي باشا إلى صارم أفندي: المحفوظات الملكية المصرية ج ۲ ص ۱۸۱
- ↑ بوغوص بك إلى سامي بك: المحفوظات أيضاً ج ۳ ص ۱۸۸ و۱۸۹-۱۹۰
- ↑ سامي بك إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ۳ ص ٣۰۱
- ↑ سامي بك إلى إبراهيم باشا: المحفوظات ج ۳ ص ۳۰۲ – ميدم إلى نسارود: المحفوظات الروسية في مصر لرينه قطاوي ج ۳ ص ۱۱۹-۱۲۰
- ↑ ميدم إلى نسلرود: ٢٥ أيار سنة ١٨٣٨ - المحفوظات الروسية في مصر ج ٣ ص ۱۱۸