ولكن السرعسكر كان قد انتقل إلى شمالي سورية للإشراف على أعمال قطع الأشجار في جبال بياس فكتب منها يشير إلى أنه أمر بإرسال بعض العساكر إلى جبل الدروز1 وأنه من المحتمل أن تكون حكومة الآستانة قد قصدت تحريض الدروز بإرسال النجدات إلى محمد رشید باشا2. وفي أواخر أيلول من السنة نفسها كتب السرعكر إلى الأمير اللبناني يستدعي ابنه أميناً إلى بعلبك للتحدث إليه في قضية نزع السلاح، ثم عاد فكتب ثانية أنه قائم إلى زحلة على رأس قوة عسكرية لتنفيذ أوامر والده وأنه سيقوم منها إلى بتدين لجمع السلاح كله «بحيث ما يبقاش ولا قطعة» وأنه إذا حضر إلى بتدين ووجد أن اللبنانيين لم يمتثلوا إلى أمره فإنه يضربهم أينما كانوا وسيخرب بيوتهم ويقطع أرزاقهم، فهبَّ اللبناني الكبير يحض الناس على الخضوع وتقديم السلاح. وفي التاسع والعشرين من الشهر نفسه وصل السرعسكر إلى دير القمر يحف به رهط من كبار رجاله منهم عباس باشا وسليم باشا ومحمد باشا وسليمان باشا وبحري بك ووراءه ألاي الغارديا المشاة الأول وألاي الغارديا المشاة الثاني وثلاثة ألايات أخرى وبطارية مدافع وأربعون جملاً للذخيرة فعسكر الجيش في صحراء الدير وقام السرعسكر وأكابر رجاله إلى بتدين بأورطة واحدة من الجند، فرحب به أمیر لبنان وأطلعه على ما اتخذه من إجراءات فسر السرعسكر كل السرور وجمع السلاح دون مقاومة. وبلغ ما لمه من اللبنانيين النصارى حتى منتصف تشرين الأول ٩٦٤٧ بندقية ومن اللبنانيين الدروز حتى التاريخ نفسه ٥١١٣ بندقية3.
وكان العزيز فيما يظهر يقدر شجاعة الدروز وبأسهم ويطلق الآمال عليهم في حربه المقبلة فاضطرب في هذه الآونة نفسها لخروج بعضهم عن مذهب الأجداد وكتب إلى محمد شريف باشا يفيده أن خروج الدروز عن دينهم «أمر خطير يجب تلافيه» وأن المصلحة تقضي بالاتصال سراً بالشهابي الكبير للتحقق من صحة هذا الخبر4. فكتب الحكمدار إلى أمير لبنان يستطلع رأيه في الأمر فأجابه هذا أن بعض الدروز «أراد التداخل بالطريقة العيسوية» ولكنه
- ↑ المحفوظات ج ۳ ص ۳۱-۳۲ اطلب أيضاً رسالة إبراهيم باشا إلى سامي بك الصادرة من سيس في المجلد نفسه ص ٤٢
- ↑ إبراهيم باشا إلى سامي بك: المحفوظات ج ٣ ص ٤٣
- ↑ إبراهيم باشا إلى المعية السنية: المحفوظات ج ٣ ص ٥٦ راجع كذلك حروب إبراهيم باشا للقس أنطون الخلي ج ١ ص ٥٣-٥٥
- ↑ راجع حديث العزيز في هذا الموضوع مع الجنرال بوايه الإفرنسي في كتاب جورج دوان «بعثة عسكرية إفرنسية» ص ۷۹. اطلب أيضاً المحفوظات ج ۳ ص ۱۳۷