قد سجنه من أتباع درويش باشا وقابله هذا بالمثل ثم أرسل رسلاً إلى الأمير يسأله ما يريد. فأجابه الأمير اللبناني أنه يريد:
- أولاً: رفع الضبط عن القرى التي كان قد ضبطها يوسف كنج باشا مدعياً أنها خاصة وزیر دمشق مع أنها ملك المشايخ الجنبلاطية من قديم الزمان.
- ثانياً: أن يكون والي البقاع خاضاً لأمر أمير لبنان كما كان في سالف الأيام.
- ثالثاً: أن يرفع والي دمشق ما أحدثه من الضرائب على البقاع.
- رابعاً: أن يكون صاحب وادي التيم وصاحب بعلبك تحت اختيار أمير لبنان.
فلما عرض الرسول هذه الشروط على درويش باشا قبل بها وطلب إلى الأمير اللبناني أن يكاتبه بذلك رسمياً1.
في دمشق ثانية: وأحب الأمير اللبناني أن يعلم عبدالله باشا والي صيدا بما تم قبل الشروع في العمل فكتب إليه بذلك ولكن الباشا الشاب أبى أن يوافق الأمير الكهل في رأيه وآثر اللجوء إلى العنف. فأمر بطرد الأمير منصور الشهابي من راشيا لأنه تقبل حكم منطقته من درويش باشا. فقام الأمير خليل نجل الشهابي الكبير بألف مقاتل إلى راشيا ووافاه إلى مرجعيون خمسماية وخمسون فارساً من فرسان عبدالله باشا. وأرسل درويش باشا عدداً مماثلاً من الدالاتية وغيرهم وربح الدمشقيون الدورة الأولى. فهب الأمير اللبناني الكبير إلى جهة القتال بنحو ألفي رجل وكتب إليه عبدالله يستفزه ويؤكد عليه بوجوب ملاحقة الدمشقيين «وإخراجهم عن حدود وادي التيم». وكتب أيضاً إلى قائد جنوده الهوارة بوجوب دخول دمشق نفسها وإلقاء القبض على واليها. وأرسل درویش باشا النجدة تلو النجدة ولكنه لم يتمكن من إرسال العدد الكافي من الرجال فإن مجموع ما أرسله قارب الثلاثة آلاف مقابل ثلاثة آلاف لبناني وحوالي الألف وخمسماية من جنود عبدالله باشا. ولم يكن هذا كل ما في الأمر فإن اللبنانيين كانوا يقاتلون في سبيل المصلحة العامة والعزة والشرف بينما عساكر الباشا الدمشقي كانوا كلهم من المرتزقة. ووقعت بعض الاشتباكات في نقاط معينة من الجبهة كان النصر فيها للبنانيين ونهب رجال الأمير الشهابي الكبير مؤونة عساكر درويش باشا في وادي القرن. فأرسل سر عسكر دمشق إلى الأمير اللبناني يطلب منه الأمان والصلح فأجابه إلى ذلك. وصرف مناصب لبنان إلى أماكنهم
- ↑ أخبار الأعيان للطنوس الشدياق ص ٥٢٠
المحفوظات الملكية المصرية ج ٣ ص ٢٦-٢٧
۳ - بشير بين السلطان والعزيز