النزوح إلى لبنان: وتأثرت بعض الأوساط الإسلامية في الشام وما تاخم البادية فيما يظهر باليقظة الدينية التي أثارها محمد ابن عبد الوهاب فاضطر الكنج يوسف باشا أن يظهر بمظهر التدين والرجوع إلى السنة فقام ينفذ بعض الاجتهادات الشرعية التي لا تمت إلى السنة بصلة وتطرف في تفسير هذا البعض فأوصى أهل الذمة بوجوب النهوض للمسلمين إذا مروا أمامهم أو دخلوا عليهم، ومنعهم من التزيي بزي المسلمين وخصهم بالألوان الأسود والأزرق والخمري والأحمر وحرم عليهم حمل السيوف والأسلحة وأمرهم بجز الناصية وشد الزنار وبوجوب إخفاء الصلبان والكتب المقدسة. ونهى عن قرع الناقوس بشدة وعن رفع الأصوات في الصلاة والجنازة وما إلى ذلك من بقايا العصور الوسطى. ثم أكره بعضهم على تقبل الإسلام وحض كاتبه ومدبر أموره المعلم عبود البحري على ذلك ففر هذا هارباً إلى لبنان، وحذا حذوه عدد لا يستهان به من نصارى الإيالتين دمشق وطرابلس2.
وشکا دروز الجبل الأعلى أمرهم إلى الشهابي الكبير واستغاثوا به وبالشيخ بشير جنبلاط فكتب إلى صديقيه سعید آغا حاكم أريحا وطُبَّل علي آغا حاكم جسر الشغور وأوفد بعثة قوامها فارس الشدياق وحسون ورد وبشير حسن أبي شقرا لدرس الموقف، ثم أمر بنقل الدروز من الجبل الأعلى إلى لبنان فتم ذلك على نفقة البشيرين. ودخل إلى لبنان سنة ١٨١١ أكثر من أربع مئة عائلة من هؤلاء الدروز وزعت على قرى الشوف وغيره من مقاطعات لبنان الوسطى والجنوبية ولا يزالون وقد لقب بعضهم بالحلبي3. فأنشد شاعر القصر قائلاً: