صفحة:النقد الأدبي (1954) - سيد قطب.pdf/56

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
--٥٢--

ولسوء الحظ أن نرى الأدب العربي يسلك غير هذا الطريق مسوقًا إلى هذا بطبيعة ظروفه التاريخية. فهو أبدًا ميال إلى البلورة والتركيز. لا يسلك طريق المشاهد والجزئيات في عرض التجارب الشعورية إلا نادرًا. همه الأكبر أن يصوغ خلاصة التجربة الشعورية في حكمة أو قاعدة، لا في مشاهدة ولا حالة. مع أنه في الفلتات القليلة التي سلك فيها الطريقة الأولى قد جاء وبأبدع وأروع مقطوعاته في القديم والحديث.

وكان الرجاء أن يعدل المجددون في الأدب الحديث قليلًا عن تلك الطريقة في العرض ليتيحوا للأدب العربي طريقة المشاركة الوجدانية بين القائل والقاريء عن طريق المشاركة في استعراض جزئيات التجربة الشعورية وخطواتها، ولكن العناية بالفكرة غلبتهم على العناية بالطريقة، كما غلبتهم طريقة الأداء العربية التقليدية، فظلت هي المسيطرة على نتاج الجيل الحديث.

وفي الأمثلة التي نقلناها عن طاغور وتوماس هاردي من قبل، والأمثلة التي سقناها في هذا الفصل ما ينير الطريق للتجديد المرغوب فيه في طريقة تناول الموضوع والعرض والأداء. وهي ذات أثر قوي في التأثير والإيحاء.