ثم زاد انتشار هذا المذهب بالأندلس وبالمغرب، بانتقال الفتيا إليه في دولة الحكَم بن هشام، وكان يحيى بن يحيى بن كثير مكيناً عنده، مقبول القول، فصار لا يولِّي القضاء إلا من أشار به، فانتصر به مذهب مالك، كما انتشر الحنفي بأبي يوسف في المشرق1.
وعلل ابن خلدون غَلَبة هذا المذهب على المغرب والأندلس تعليلاً فقال:
«أما مالك رحمه الله تعالى فاختص بمذهبه أهل المغرب والأندلس. وإن كان يوجد في غيرهم إلّا أنّهم لم يقلّدوا غيره إلّا في القليل، لأن رحلتهم كانت غالباً إلى الحجاز، وهو منتهى سفرهم، والمدينة يومئذ دارُ العلم، ومنها خرج إلى العراق، ولم يكن العراق في طريقهم، فاقتصروا على الأخذ عن علماء المدينة، وشيخهم يومئذ وإمامهم مالك وشيوخه من قَبْلِه وتلاميذُه من بعده، فرجع إليه أهل المغرب والأندلس وقلّدوه دون غيره ممن لم تصل إليهم طريقته.
وأيضاً فالبداوة كانت غالبةً على أهل المغرب والأندلس، ولم يكونوا يعانون من الحضارة التي لأهل العراق، فكانوا إلى أهل
- ↑ عن «المقريزي» و«بغية الملتمس» و«نفح الطيب»
٧٠