صفحة:الكامل في صنعة الأسطرلاب الشمالي والجنوبي وعللهما بالهندسة والحساب، أحمد بن محمد الفرغاني.pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
بسم الله الرحمن الرحيم


كتاب أحمد بن محمد الفرغاني المعروف بالكامل
في صنعة الأسطرلاب الشمالي والجنوبي وعللهما بالهندسة والحساب


قال أحمد إنّ المتقدمّين من العلماء بحساب النجوم إنما أدركوا علم حركات الفلك وما يعرض فيه بالمواظبة على النّظر والقياس وكان أكثر ما اسْتدلّوا به من الآت المقاييس التي تسمى ذات الحلق إذا كانوا عملوا على ما تبين لهم من هيئة الفلك في استدارة حركاته وخاصّةً الحركتين الأوليين أعني حركة الفلك الأعظم المدير للأفلاك كلّها من المشرق إلى المغرب وحركة الفلك المائل التي للكواكب كلها من المغرب إلى المشرق وهذا الفلك هو فلك البروج وقطباه يدوران على قطبي الفلك الأعظم والعلّة في صحة ما استدلوا به من هذه الآلة وَاضحة لأهل المعرفة بالهندسة ورأيناهم عملوا الآلة التي تسمى الأسطرلاب سطحية على غير خلقة الفلك استدلوا بها على كثير من حركات الفلك واختلاف الليل والنهار في أقاليم الأرض وأجروا الأمر في صنعتها والقياس بها على ما يلزم معه الحاجة إلى معرفة العلة في هيئتها وصحة دلالتها ولم يبلغنا أن أحداً منهم بين ذلك ولا رسمه في كتاب فكان استعمال الناس إياها على جهة التقليد وإن ما يخرج منها من حركات الفلك موافق لما يخرج بذات الحلق وما يخرج أيضاً بالحساب وإن لم يكن في ذلك برهان على صحتها ولا دليل على علتها فكان ما ذكرنا من اشتباه الأمر فيها مما دعى عدّة ممن يوصف بالعلم في زماننا إلى أن زعموا أنها ليست بمعولة على الحقيقة ويوهموا أن تكون المبتدئ لصنعتها