صفحة:القرن العشرون ما كان وما سيكون (1951) - العقاد.pdf/80

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لدينا تقديرا صحيحا على أصدق ما يكون في حيز الامكان ، وقد نلمحه نحن كما يلمحه الخائض السابح ، وقد نجهله جميعا ولا لوم علينا أو عليه. ومما يتسم به هذا الطابع الخاص بتقديرات القرن العشرين الى المستقبل أنه مصحوب بالحذر والتحفظ يؤثر أن يتريث في مكانه خطوتين على أن يتقدم خطوة واحدة لا يعلمها ، وتلك سمة من سمات البحوث العلمية في مختلف الدراسات ، لا نريد أن تقول انها أصدق في العلم وأقرب الى الأمانة العلمية ، ولكنا نريد أن نقول بحق انها مأمونة عند الحساب قليلة الكلفة عند المطالبة بالدليل . فاذا لاحت للعالم صورة مشكوك فيها ثم سكت عنها أمن المحاسبة وخلص من المطالبة بأدلة الاقناع أو أدلة الترجيح ، ولعله لا يناقض العلم اذا قرر ما يراه وأبان عن شكه فيه ، بل لعله لا يناقض العلم اذا قرره كما تقرره النظريات التي لاغنى عنها قبل الاثبات القاطع بالبرهان أو بالعيان . وعلى هذا الحـذر والتحفظ من المتطلعين الى المستقبل في القرن العشرين ترى أن التفاؤل بالغد شيء بسحه لنا مد النظر الى غاية مداه ، فانه تفاؤل لا يدخل بنا في عالم الطوبيات ولا في أحلام اليقظة ، وليس من قبيل الحنين الى العصور الذهبية ولا من قبيل الفراسة التي تتأمل على البعد قبل أن تلمس البوادر مما تراه علم القرن العشرين فيه وعد كبير ، أوشك من كبره أن ينقلب في بعض نواحيه الى وعيد فمن وعده الكبير أنه يهيىء للأمم المتقدمة والمتأخرة شروط المعيشة الصحية ويعلمها فنون العلاج والوقاية ويوفر لها أنواع المطهرات والمبيدات التي تدفع الأمراض وتستأصل جراثيم الأوبئة ، فتكثر المواليد ونقل الوفيات ويتضاعف سكان الكرة الأرضية على نسبة لم تعهد في V7