بل يقال إذن أنه آمن بعلاقة جديدة بين الخلائق جميعا ، و بين الحياة أومصدر الحياة والإنسان إذا طلب من الدين الحياة الأبدية فهو لا يطلب ذلك لأنه فرد من أفراد نوع . فإن النوع قد يبقى ألوف السنين ، وقد يقدر الإنسان أنه مكفول البقاء بغير انتهاء ، ثم لا يعنيه كل ذلك عن طلب الحياة الأبدية ، لأنه يريد لحياته معنى لا يزول ، ويريد أن يتصل بحياة الكون كله في أوسع مداه . . وليست العقيدة لازمة من لوازم الجماعات البشرية لأنهم يريدون منها دروسا علميـة أو حيلا صناعية . فإن قوة الصناعة والعلم كامنة في الإنسان ، لاتلجثه إلى قوة خارج الإنسان . و إن ألف إنسان قد يعلمون عاما واحدا ، ولا يعتقدون عقيدة واحدة ، بل ينكر أحدهم عقيدة الآخر أشد الإنكار . كما أن العلاقة بين العالم والمعلوم قد تكون علاقة غريب بغريب . وقد يعلم الإنسان أسرارا من الكون ، وهو يشعر بأنه غريب عنه أو عارض فيه . فإذا اعتقد فإنما يعتقد لأنه يريد أن يشعر بأنه ليس في الكون بالغريب ، ويؤمن بأنه موصول الحياة بحياته وليس بالعارض فيه . وليس مقياس العقيدة الصالحة مقياس الدروس العلمية والحيل الصناعية ، وإنما حسب العقيدة الصالحة من صديح أنها تنهض بالعقل والقريحة1، ولا تصدها عن سبيل العلم والصناعة ، ولا تحول بين معتقديها ، وبين التقدم في الحضارة ، وأطوار الاجتماع .
- * **
و ينبغي أن يلاحظ في هذا الصلاح أن الجماعات البشرية لا تعيش عمر إنسان
واحد ، ولا تنحصر في طبقة واحدة .
- ↑ القريحة : القريحة من الانسان : طبعه ، وهو حسن القريحة أي انه يستنبط العلم والشعر بجودة الطبع