صفحة:العقد الفريد ج.1-2 (1953).pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
۱۴
من العقد الفريد

وقد أتى غير كبير، وقد وهبت ذلك له.

لبعضهم في تلمس الحيلة لنصيحة السلطان

وقالوا: ينبغي لمن صحب السلطان أن لا يكتم عنه نصيحة وإن استثقلها، وليكن كلامه له كلام رفق لا كلام خرق، حتى يخبره بعيبه من غير أن يواجهه بذلك ولكن يضرب له الأمثال، ويخبره بعيب غيره ليعرف عيب نفسه.

وقالوا: من تعرّض للسلطان ازدراه، ومن تطامن له تخطّاه. فشبهوا السلطان في ذلك بالريح الشديد التي لا تضر بما لان وتمايل معها من الحشيش والشجر، وما استهدف لها قصمته. قال الشاعر:

إن الرّياح إذا ما أعصفت قصفت
عيدان نبع ولا يعبأن بالرّتم1

لشبيب في مسايرة السلطان

وقال شبيب بن شيبة: ينبغي لمن ساير خليفة أن يكون بالموضع الذي إذا أراد الخليفة أن يسأله عن شيء لم يحتج إلى أن يلتفت، ويكون من ناحية إذا التفت لم تستقبله الشمس.

وزير للهند بين الملك والملكة

وقرأت في كتاب للهند أنه أهدي لملك ثياب وحلى، فدعا بامرأتين له، وخيّر أحظاهما عنده بين اللباس والحلى. وكان وزيره حاضرا فنظرت المرأة كالمشيرة له، فغمزها باللباس تغضينا بعينه، فلحظه الملك. فاختارت الحلية لئلا يفطن للغمزة وصار اللباس للأخرى. فأقام الوزير أربعين سنة كاسرا عينه لئلا تقرّ في نفس الملك، وليظن أنها عادة وخلقة.

اختيار السلطان لأهل عمله

لابن هبيرة يوصي مسلم بن سعيد حين وجهه إلى خراسان

لما وجّه عمر بن هبيرة مسلم بن سعيد إلى خراسان قال له: أوصيك بثلاثة:

حاجبك، فإنه وجهك الذي به تلقى الناس: إن أحسن فأنت المحسن، وإن أساء فأنت المسيء؛ وصاحب شرطتك، فإنه سوطك وسيفك: حيث وضعتهما فأنت


  1. الرتم : نبت من دق الشجر يشبه لدقته بالرتم، وهي الخيوط.