الفصل السابع
ظهور الرهبانية وانتشارها
أصلها: وعاش السيد نفسه عيشةَ فقرٍ وتيهٍ ومسكنةٍ. وعلَّم باقتراب النهاية. وأرسل تلاميذه ليكرزوا بملكوت الله. وأوصاهم ألا يحملوا شيئًا للطريق «لا عصًا ولا مزودًا ولا خبزًا ولا فضةً» وألا يكون للواحد منهم ثوبان1. وقام يعقوبُ بعده لا يأكلُ لحمًا ولا يَشرب خمرًا ولا يقتني سوى رداء واحد. وحضَّ الرسلُ المؤمنين على العفة والبتولية وأَجازوا الزواجَ لمن خشي العنت فقط2.
وجاء الاضطهاد في القرون الثلاثة الأولى، ففَرَّ عددٌ من المؤمنين إلى البراري والقفار، وعاشوا فيها عيشةَ البُؤْس والطهارة والتقوى3. واشتدت وطأةُ الحُكم وكثرت الضرائب وتثاقلت، فَتَاهَ الفلاحون وتركوا القرى والمزارع؛ محتجين على نظام المجتمع طالبين عيشةً جديدة، حتى إذا أَطَلَّ القرنُ الرابعُ وجاء قسطنطين وخلفاؤُهُ وتنفس المؤمنون تنفسة الراحة، لم يكد يغير ذلك شيئًا من طريقتهم الأولى؛ إذ أصبحوا يقولون بوجوب