صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/45

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

اليوم طائفة اللباشين أو العرافين يستعان بها بين الشعب على تحقيق الجرائم والسرقات ويغلب على اللباشى أن يعتمد على صبى لم يبلغ الحلم لأنهم يعتقدون أن الصبي في هذه السن برئ من وضر الشهوات وأهواء الخصومات ، فإذا استدعى اللباشى لكشف جريمة أو سرقة ، سقى صبيه قدحاً اللبن مشوباً ببعض العقاقير ، وتلا عليه عزائمه ورقاه حتى يغيب عن وعيه وينطلق إلى المكان الذي اختبأ فيه السارق أو المسروق أو اختبأ فيه طلبة القضاء كائناً ما كان السلام كثيراً وقد روى المسلمون الذين هاجروا إلى الحبشة على عهد النبي عليه من أعمال هؤلاء السحرة والعرافين ، وظل الحكم معتمداً عليهم في مراجع الحكومة إلى زمن قريب حتى عصرنا الحاضر ، وكان العقلاء يتواون القضاء بأنفسهم ويحاولون جهدهم أن ينزهوه من بقايا العرافة واللباشة كما كان يفعل منليك الثاني أشهر النجاشيين في القرن العشرين . فكان قاضياً وأميراً وقائداً في وقت واحد ، وكذلك كان القرن السادس للميلاد حين ظهور الدعوة المحمدية ، ملوكهم النجاشيون فلم تكن ديمقراطية الحكم معروفة عملا ً ولا نظراً في الدولة الحبشية وكان صلاح الحكم فيها صلاح أفراد الحاكمين ، فمن طغى فالحكومة في عهده مستبدة ، ومن عدل فالحكومة في عهده تنصف المحكومين إنصاف العرف الغالب والعادة المرعية . C وقد كانت مصر من أشهر البلاد في أيام الدعوة المحمدية ، ولكن حكومتها لم تكن لأهلها في تلك الفترة ، فيقال عن حكومتها ما يقال .