صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/150

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

suht 146 ذلك في عاطفة الرحمة ولا في واجب التطبيب والتمريض ، ولا يقال إن الرحمة « الطبية » هي الصورة التي تمثلت بها طبيعة الأمومة فهي حيلة « مصطنعة » وشعور غير صحيح أو غير أصيل ! ومن قديم الزمن عرف الحكماء ذوو الفكر والبديهة لباب هذه الحقيقة فوقفوا أمام السنن الكونية موقف الخشوع والأناة ، وقال سقراط من وحى فطرته الصادقة : « أحسب أننا قضاة أنصاف عميان حين نحكم على المستحيلات والممكنات ، لأننا نعالج الأمر بمقاييسنا الإنسانية التي لا تجدي كل الحدوي سواء في المعرفة الصحيحة أو في صحة الإيمان والرؤيا والنظر ، ومن ثم تبدو لنا أمور كثيرة كأنها مستحيلة وهي يسيرة ، أو تبدو لنا غير مدركة وهي بين أيدينا على مقربة منا ، إما لنقص تجاربنا أو لطفولة عقولنا . إذ ما من إنسان مهما علا في السن إلا وهو كالطفل الصغير لقصر الحياة وقصور التجارب بالقياس إلى الحياة الأبدية . فكيف ، ونحن لا نحيط بأسرار الآلهة وأسرار القوى العلوية ، يتاح لنا أن نجزم بما يمكن وبما لا يمكن . . إننا أبناء الفناء ليس لنا في حكم الكون الكبير خطر ولا يتأتى لنا أن نعرف حق المعرفة أمراً من الأمور حتى ما يعرض لنا في أنفسنا ، فأخلق بنا ألا ندعى العلم اليقين بما تنطوى عليه المقادير الأبدية » على أن التجارب التاريخية شيء ماثل لمن يقيس الأمور بمقاييس الطبيعة ومن يقيسها بما يعلو عليها ، وأغفل الناس عن الواقع من ينكر